أمريكا و”إسرائيل” من عدوان تموز إلى عدوان تشرين
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
الجميع يذكر العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006، ويدرك تماماً أوجه التشابه بين ذلك العدوان والعدوان الإسرائيلي على غزة حالياً، ففي العدوانين كان السبب المباشر عبور مقاتلين من المقاومتين لحدود الكيان الإسرائيلي كردٍ على الاستفزازات الإسرائيلية، وقتل جنود إسرائيلين والعودة بجثثهم إلى مقرّات المقاومة لمبادلتهم بالأسرى، وفي تشرين الحالي يتكرر المشهد ذاته، لكن بقوة وبأسرى وبقتلى إسرائيليين أكثر.
وفي أعقاب تموز أعلنت “إسرائيل” عن شن عملية عدوانية واسعة لتدمير مدن وقرى جنوب لبنان وتدمير أحياء بيروت لاستعادة جنودها عنوةً والقضاء على حزب الله وتجريده من سلاحه، فيما يضع قادة الإجرام في “إسرائيل” أهدافاً مشابهة لتلك من خلال تهديم غزة لاستعادة جنودها، وللقضاء على حماس والجهاد الإسلامي ومنظمات المقاومة الأخرى، كما تكررت مناظر التهديم الوحشي للأحياء والأبراج السكنية على رؤوس المدنيين في غزة وبعنف أشدّ بعدّة مرات مما جرى في الضاحية الجنوبية.
وفي العدوانين كانت الخارجية الأمريكية – ممثلة بوزيرتها رايس سابقاً ووزيرها بلينكن حالياً- تُجري جولات مكوكية على دول المنطقة لدعم العدوان الإسرائيلي وتبرير القصف الوحشي وبحجة تهجير السكان وتسهيل مهمة الاجتياح وإنجاح العملية البرية، وكان الطلب الأمريكي واضحاً لتمديد زمن الحرب وتحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.
والآن أيضاً زيارة وزير الخارجية الأمريكي تشي بأنه جاء ليطالب الإسرائيليين بتكثيف القصف وتهجير الفلسطينيين، وتعهد لهم بمنع فتح جبهات أخرى، وانتزاع الموافقة أو السكوت العربي عن مجازر الإبادة الإسرائيلية، ولا بد أن نشير أيضاً إلى قدوم وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى “إسرائيل” التي لم تقتصر على إيصال الدعم العسكري العيني والمعنوي فقط، وإنما لوضع الخطط والمشاركة في حرب الإبادة ضدّ الفلسطينيين ليكسب “شرف” المشاركة في الإبادة الجماعية وتهجير السكان خوفاً من المحرقة التي تنقلها الفضائيات على الهواء مباشرة بحق مدنيي غزة.
أمل من جهة النتائج حرب تموز وعدوان تشرين الحالي، فقد رفضت “إسرائيل” خلال تموز الاستمرار بالحرب أكثر من ثلاثة وثلاثين يوماً، وأوقفت إطلاق النار بعد أن تأكدت هزيمتها العسكرية، وأعلنت وزيرة خارجيتها آنذاك تسيبي ليفني، فشل أهداف العدوان، قائلةً: “لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تقضي على حزب الله أو تجرّده من سلاحه”، فعاد المهجّرون إلى ديارهم فور وقف إطلاق النار، وتضاعفت أعداد مقاتلي حزب الله، كما تطورت أسلحتهم النوعية، وازدادت قوة الردع العسكرية لديهم.
والسؤاب الذي يطرح نفسه بقوة الآن هل تتكرر النتيجة في حرب الإبادة والإجرام والدمار والتهجير التي تمارسها أمريكا و”إسرائيل” على غزة الآن، ويعلن رئيس حكومة العدو المتطرفة نتنياهو، أو وزير خارجيته بعد آلاف الأطنان من المتفجرات التي أسقطوها على المدنيين في غزة فشل العملية العسكرية، وهل سيكررون عبارة ليفني مع تعديلات بالتسميات، ليقولوا: إنه لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تقضي على حماس، أو أن تجرّد المقاومة الفلسطينية من سلاحها. فيجر بعدها بلينكن ذيول الخيبة، ويلحق به أوستن، إلى واشنطن من أجل التحضير لتغذية اعتداءات أخرى على أماكن مغايرة حول العالم لتغذية وجود واستمرارية الهيمنة الأمريكية.
بعد هذه المقارنة لا بدّ أن يكون هذا المشهد قريباً فيعود المهجرون، وتواصل المقاومة تطوير قدراتها كماً ونوعاً، كلنا أمل بذلك.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة