إجراءكولومبي… فهل يقلده العرب؟
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
قدمت “إسرائيل” نفسها كمجرمة حرب للرأي العام العالمي، حيث كانت الصواريخ الفراغية والقنابل الفوسفورية والدخان الذي يتصاعد من أجساد الأطفال في غزة أوراق اعتماد قذرة قدمتها على هواء الفضائيات التي تنقل حرب الإبادة التي شنتها على الشعب الفلسطيني إلى كل أصحاب الضمير حول العالم، فكانت كولومبيا من أوائل الدول التي قرأت رسائل الإبادة الإسرائيلية واتخذت الرد الذي يتوافق مع أبسط القواعد الأخلاقية، وتجلى ذلك بطرد السفير الإسرائيلي، لأن وجوده أصبح عاراً لاتستطيع أن تتحمله هذه الدولة، مع التأكيد على أن العديد من دول العالم المتحضر ربما تتخذ إجراءً مماثلاً في قادمات الأيام، إذا استطاعت الإفلات من الضغط الأمريكي الذي يدفعهم للتريث المأجور وتحمل ردود الرأي العام المستنكر للأعمال الوحشية الإجرامية الإسرائيلية، كما تفعل أمريكا حتى الآن بتجاهل المظاهرات الاحتجاجية على حرب الإبادة التي تشنها على المدنيين في قطاع غزة.
ولعل أهم تلك المظاهرات ما قام به ناشطون يهود بالتظاهر أمام البيت الأبيض احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي وعلى الموقف الأمريكي، فيما شهدت العديد من الولايات الأمريكية وقفات احتجاجية.
تحاول إدارة بايدن التخفيف من غضب المحتجين في أمريكا وحول العالم بالحديث عن اتفاق مع “إسرائيل” للسماح بإدخال المساعدات إلى القطاع الذي يعاني من فقدان كل مستلزمات العيش من ماء وغذاء ودواء ووقود وحتى من طرقات آمنة للانتقال أو لوصول المساعدات بعد أن دمرت “إسرائيل” معظم الطرق التي تربط القطاع بالعالم وبنفسه، ما يعني أن الاتفاق مع “إسرائيل” الذي تتحدث عنه واشنطن يحتاج إلى طرقات يمكن أن تسير عليها مئات الشاحنات بعد تلقي إذن الدخول عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
إن ماتفعله “إسرائيل” من قصف ممنهج للمدنيين في غزة تجاوزت قدراته التدميرية ما يعادل ربع قنبلة ذرية- وفق تقديرات الخبراء العسكريين منذ عدة أيام وليس الآن- يحتاج إلى ردود فعل دولية مشابهة لما قامت به كولومبيا على الأقل، وخاصةً من الدول العربية التي لديها سفراء لهذا الكيان العنصري الهمجي، وأن تعلن الدول العربية التي تنوي التطبيع مع “إسرائيل” – تحت الضغط الأمريكي أو بدونه- وقف التحرّك على هذا المسار الذي تبادله ”إسرائيل“ بسفك الدماء العربية، بل تبتعد أكثر عن الحلول السياسية التي يجب أن تعيد الأرض والحقوق لأصحابها.
لدى العرب الكثير من أوراق الضغط على “إسرائيل” وأمريكا، ولكن عدم استخدامها سيدفع العدو إلى التمادي الذي فاقت وحشيته كل الحدود.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة
