الأسد في السعودية وثقل سورية في القمة
![](https://globalsy.net/wp-content/uploads/2023/11/الاسد-في-القمة.jpg)
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
إن الظروف العربية والدولية التي تُعقد فيها القمة العربية الاستثنائية في المملكة العربية السعودية هي الأخطر منذ عقود، خاصةً في ظلّ الاستعصاء الدولي في مجلس الأمن والانحياز الأمريكي المطلق للإجرام الذي ترتكبه “إسرائيل” بأساليب وحشية غير مسبوقة، وبالتالي فإن الانحياز الأمريكي ليس ضد الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض للإبادة فقط، وإنما هو انحياز للإجرام والوحشية والعدوان على القوانين والشرائع، وعلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤسساتها.
ومن المؤكد أن حضور السيد الرئيس بشار الأسد لهذه القمة سيعطيها ثقلاً سياسياً كبيراً يتناسب مع دور سورية الأساسي والفاعل في الصراع العربي الإسرائيلي، ودعمها غير المحدود لقوى المقاومة في المنطقة، مستندةً في ذلك إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح للشعوب مقاومة المحتلين بكل الوسائل المتاحة.
كذلك فإن الموقف السوري في القمة يعكس بالفعل موقف شعوب المنطقة التي تواجه عدواناً دائماً من الكيان الصهيوني بدعم وتحريض من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بل إن أمريكا لم تكتفِ بتحريض ودعم الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وعلى سورية ولبنان، بل حشرت أيضاً قوات جيشها لتمارس العدوان اليومي والمستمر على الشعب السوري تحت ستار التحالف الدولي غير الشرعي الذي ابتدعته بحجة محاربة “داعش” وتحت غطائه أيضاً تسرق الخيرات السورية من نفط وغذاء، كما تدعم الانفصاليين في مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة في سورية.
إن عودة سورية إلى الجامعة العربية ومشاركتها في قمة جدّة منتصف أيار الماضي قد أسس لمرحلة جديدة من لمّ الشمل العربي، ومن إنهاء الانقسام الذي كانت تغذيه أمريكا بكل الوسائل، فأمريكا التي تعاقب الدولة السورية وتحاصر شعبها وتسرق خيراتها كانت تفعل ذلك لإعطاء الشرعية لكل المجموعات الإرهابية التي كانت تمارس الديمقراطية على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية.
ديمقراطية قتل المدنيين بالسيارات المفخخة وبالعبوات الناسفة وتحويل قوارير الغاز إلى قذائف وإطلاقها على الأحياء السكنية وكذلك استخدام الغازات السامة ضد الأبرياء واتهام الدولة السورية بذلك.
ما يجري في غزة حرب إبادة وتدمير لما بناه الفلسطينيون عبر مئات السنين في أيام قليلة، في النتائج لا يختلف عما فعله الإرهابيون في المدن السورية على امتداد نحو ثلاثة عشر عاماً.
أمريكا تستخدم “الفيتو” في مجلس الأمن لمنع قرار يوقف إطلاق النار في غزة، ويوقف المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين، كما تقف جهاراً نهاراً ضدّ جهود الدولة السورية في بسط سيطرتها على كامل أراضيها وتمنعها، وتعاقب من يساندها في عملية إعادة الإعمار، كما تمارس حصاراً على الشعب السوري وتمنعه من استثمار نفطه وأرضه لتجويعه وإفقاره، ولتترك آثاراً إقتصادية سلبية ترقى لتكون جريمة حرب.
من المؤكد أن الرئيس الأسد سيسمي الأشياء بمسمياتها، إذ لم تعد تنفع المواربة في التعامل مع الأمريكي الذي يتصرف بعداء لا يقل عن عداء “إسرائيل” تجاه العرب جميعاً، حيث تكشف الأحداث الفظيعة في غزة واستمرار الموقف الأمريكي الداعم لـ”إسرائيل” والممانع لوقف إطلاق النار، وتجاهله للموقف العربي الداعي لوقف الجرائم الإسرائيلية فوراً بأنه ليس صديقاً لأحد من العرب، ولا يهمه إلا مصالحه في نفطهم وفي موقعهم الإستراتيجي، وفي الدعم غير المحدود لـ”إسرائيل” وللتنظيمات الإرهابية التي تُهدّد أمن دول المنطقة.
لقد باتت جراح العرب أليمة وعميقة وتحتاج إلى تشخيص واقعي يفرّق بدقة بين الصديق والعدو، وبقدر ما يكون العرب واضحين في قراراتهم وتوصياتهم، بقدر ما يكونوا فاعلين ومؤثرين في تغيير الموقف الأمريكي اتجاه المنطق والحق والتوازن، وبقدر ما نستطيع إنهاء المأساة الفلسطينية ونعيد الحياة إلى عملية السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة