الاحتلال يدفن قتلاه ويتكتم… أرقام متضاربة وما خفي في الميدان أعظم
خاص غلوبال – شادية إسبر
منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وفضائح الكذب الإسرائيلي تزداد افتضاحاً، حتى تلك الروايات التي حاول ويحاول كيان الاحتلال تصديرها للرأي العام العالمي، وداخل مستوطناته الاحتلالية، وينشرها بكاميراته وبياناته الرسمية، وبتصريحات مسؤوليه، باتت هي ذاتها الأدلة ضده، محطات كثيرة سقطت فيها الرواية الإسرائيلية لتنهار معها الدعاية الصهيونية، هذا الانهيار الإعلامي والسياسي الذي ظهر بعد الفشل الاستخباراتي، لم يقتصر على الرواية المزعومة لأطفال قتلوا بيد المقاومة الفلسطينية في اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، والتي لم يستطع الصهاينة استثمارها أكثر من ساعات عدة حتى انكشف زيفها، ولم تنته عند رواية الأسلحة والأنفاق (المفترضة صهيونياً) أنها في مستشفى الشفاء، لتكون فيديوهاتهم المصورة بكاميراتهم، محط سخرية حتى مستوطنيهم أنفسهم.
بحر من التضليل الصهيوني، وجبل أكاذيب يراكم عليه الاحتلال المزيد يومياً، وفي جزئية بسيطة من جبل الكذب الإسرائيلي هذا، جاءت قصة أعداد قتلاه بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من توغل قواته البري في قطاع غزة المحاصر، والذي بدأه قبل أكثر من ثلاثة أسابيع (في 27 تشرين الأول الماضي).
لا أحد يستطيع، مهما كان متابعاً ودقيقاً أن يعرف أعداد قتلى قوات الاحتلال في أي حرب شنها أو عملية لمقاومة تعرض لها جنوده وهذا ليس حديثاً، إنه مسار تاريخي منذ إنشاء هذا الكيان الغاصب، فكل إعلان يُنشر رسمياً بهذا الخصوص يرافقه جملة “سمح بنشر أسمائهم”، لكن ماذا عمن لم يُسمح بنشر أسمائهم؟ ولماذا يُسمح لأسماء ويتم التكتم على أخرى؟ والأهم كم عددهم هذه المرة في معارك محاور غزة؟.
خلال يومي السبت والأحد (18و19 تشرين الثاني) أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 11 من ضباطه وجنوده وإصابة 7 آخرين بجروح خطرة في غزة، ما يرفع عدد قتلاه إلى 63 منذ بدء التوغل البري، بينما كشف تصريح لمدير مقبرة عسكرية عدم صحة هذه الأرقام، ليؤكد هول الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.
يقول دافيد اورن باروخ مدير مقبرة “جبل هرتسل” العسكرية (الأحد 19 تشرين الثاني): “نحن نمر الآن بفترة كل ساعة هناك جنازة، كل ساعة ونصف جنازة، طلب مني فتح عدد كبير من القبور.. فقط في مقبرة جبل هرتسل دفنا 50 جندياً خلال 48 ساعة”.
هذا التصريح جاء بالتزامن مع إعلان المقاومة الفلسطينية “كتائب القسام” (مساء الأحد 19 تشرين الثاني، الساعة 7.44) عن تمكنها من “إيقاع قوة صهيونية متحصنة داخل مبنى في حجر الديك بين قتيل وجريح، وتدمير 29 آلية صهيونية كلياً أو جزئياً في كافة محاور التوغل في قطاع غزة”، بينما جاء في بيان اليوم السابق (السبت 18 تشرين الثاني) “قتل وجرح عدد من جنود العدو، وتدمير 17 آلية إسرائيلية كلياً أو جزئياً في غزة”… أي مجموع الآليات المدمرة خلال 48 ساعة بلغ 46 آلية صهيونية متنوعة، وعلى افتراض أن جندياً واحداً فقط في كل آلية، وهذا بالتأكيد عسكرياً لا يمكن أن يحدث حيث طاقم أي آلية عسكرية لا يقل عن ثلاثة، فإن مجموع قتلى الجنود الإسرائيليين على أقل افتراض هو 46 قتيلاً في الآليات المدمرة فقط، ناهيك عن قتلاه في الاشتباكات وكمائن المقاومة، والتي يعترف الاحتلال بأنها ضارية على كافة المحاور في غزة.
تكّذب الأرقام التي نشرها باروخ رواية جيش الاحتلال، التي تكتفي بالإفصاح عن عدد محدود من القتلى في معارك غزة، وهو أمر سبق أن أكده الناطق باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة الذي قال: “أعداد الجنود والضباط القتلى والعائدين في أكياس سوداء أكبر بكثير مما يعلنه جيش الاحتلال، وغزة ستكون مقبرة للغزاة”.
وإذا صدق حفار القبور العسكرية الإسرائيلي هذا، الذي يدفن جندياً كل ساعة ونصف، بمجموع 50 جندياً في مقبرة واحدة خلال 48 ساعة، فعلينا أن نعرف كم عدد المقابر العسكرية في كيان الاحتلال الإسرائيلي، لنعرف كم دفن من جنوده خلال هذه المدة، وبالتالي نستطيع تقدير أرقام عدد قتلاه خلال الثلاثة أسابيع الماضية مع بدء توغله البري في القطاع المحاصر، الذي اعتدى ويعتدي عليه الاحتلال بآلاف الأطنان من المتفجرات وارتكبت بحق أبنائه مئات المجازر الوحشية، وبالتأكيد ما خفي في الميدان أعظم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة