التلفزيون العادي من حلم لمعظم العائلات قبل فترة التسعينيات إلى رمز للفقر اليوم… فني صيانة تلفزيونات لـ«غلوبال»: بعت عدداً منها بمبلغ 5 آلاف ليرة للواحد
خاص دمشق – زهير المحمد
مر التلفزيون العادي بعدة مراحل في سورية، فكان التلفزيون “أبيض وأسود” يتواجد لدى قلة قليلة من المدن السورية مع بدء بث التلفزيون العربي السوري عام 1960 إبان الوحدة مع مصر، واقتصر اقتناء هذا الجهاز على الطبقات الارستقراطية من تجار وصناعيين، ليصبح متوافراً في الأرياف التي وصلت إليها الكهرباء وكانت ضمن نطاق أجهزة البث في فترة السبعينيات، وكان الشخص الذي يملك تلفازاً من القامات الاجتماعية التي يقدرها الجميع، لسماحه لهم بالاطلاع على ما يحصل في البلد و العالم حينها، وانتقل البث إلى الملون عام1976، مع استمرار حلم صعب التحقيق لدى معظم السوريين في امتلاك التلفزيون.
واستمرت العائلات باقتناء التلفزيون الأبيض والأسود مع انتشار الملون بسبب ارتفاع سعره في تلك الأيام، حتى فترة التسعينيات والانفتاح الذي شهده البلد وإنتاج التلفزيون محلياً “سيرونكس” وتخفيف قيود الاستيراد حتى أصبح الجميع يقتنون أكثر من جهاز في كل غرفة وربما حتى في المطبخ.
مسلسلات كثيرة أنتجت عن حلم العائلات باقتناء التلفزيون، وأخذ القروض والتسجيل في مؤسسات الدولة..
أما اليوم ومع التطور التقني المتسارع ودخول أجيال جديدة من التلفزيونات “الشاشات” فقد بات وجود التلفزيون العادي نادراً في أغلب المنازل، لا بل دلالة على الفقر وضيق الحال.
الثمانيني أبو عبدو يتكلم لـ«غلوبال» بحسرة عن تلفزيون أيام زمان، حيث كان الجميع ينتظرون المسلسلات المحلية في مواعيدها، ونشرة الأخبار، وبرنامج ما يطلبه الجمهور مع الإعلامية ماريا ديب، وأغاني الصبوحة وسميرة توفيق وميادة الحناوي، أما اليوم فأولادي يتابعون الشاشات المرتبطة بالانترنت والتي تحتوي على برامج فارغة، ومن ناحيتي مازلت أمتلك تلفزيوناً عادياً من نوع سيرونكس اشتريته عام 2000، ولا أتخيل نفسي سأتخلى عنه، لكن عندما يحصل عطل ما، يستنفر جميع أبنائي وأحفادي ليبحثوا لي عمن يصلحه أو إيجاد قطع الغيار.
أبو طارق من سكان دمشق وكان يعمل في إصلاح التلفزيونات العادية، يقول إنه اعتزل المهنة لقلة التلفزيونات العادية، ولكبر سنه، ولأن قطع الغيار باتت نادرة ومكلفة جداً، إضافة إلى أن تشغيل التلفزيونات القديمة على “الإنفيرتر” وعبر البطاريات صعب جداً لكونها تستهلك طاقة كبيرة، مشيراً إلى أنه منذ سنوات باع ما كان لديه منها بالجملة وبسعر 5 آلاف ليرة، لشخص ربما كان يريد الاستفادة من قطعها، في أمور أخرى غير التلفزيون..!
أما رياض فيقول إنه يمتلك تلفزيونين عاديين وشاشة حديثة، إلا أنه تفاجأ بانعدام الطلب على العادي، وأن أعلى سعر حصل عليه هو 10 آلاف ليرة، فهذه الأجهزة لم يعد يستعملها إلا بعض من يخدمون الخدمة الإلزامية، أو بعض كبار السن، فقام بإهداء تلفزيون لعسكري قريب له، وترك الثاني كقطعة أثرية موجودة في إحدى الغرف ولم يطاوعه قلبه ببيعه بما يعادل ثمن سندويش فلافل.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة