“الحر” يوجه ضربة قاضية لموسم التين… فلم لم يعوض مزارعوه..؟!
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
بحكم العادة الملدوغة بتجارب قاسية، بتنا نضع أيدينا على قلوبنا كلما اقترب فصل الشتاء، ليس خوفاً من برده القارس واحتياجات التدفئة المكلفة، وإنما تخوف من كوارث الطبيعة على محاصيل الفلاح، الذي يدفع “دم قلبه” لزراعتها من دون تقديم أي عون يذكر نتيجة رفع الدعم التدريجي، لذا تراه ينتظر بفارغ الصبر قطف ثمار تعبه لتأتي عاصفة من غامض علمه وتأخذ محصوله بلمح البصر، وهنا تهب الحكومة معلنة تعاطفها معه من صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث المخصص أساساً له، على مبدأ بحصة بتسند جرة، وهي خطوة إيجابية لكن يفترض أن تكون مروحة الدعم أكبر، أقله عن منحه قروضاً بفوائد بسيطة تضمن مواصلة المزارعين المتضررين الزراعة وتحسين معيشتهم ومعيشتنا.
هذا الاعتياد غير المحبب امتد إلى فصل الصيف، الذي أبى أن يمر بسلام، حيث تركت موجة الحر الشديدة ضررها الكبير على المواسم الصيفية أيضاً، فبعض المزروعات حرقت بشكل كامل وماتت قبل استفادة أهلها منها بليرة كالخضر، أما الأشجار المثمرة كالتين فتلقى ضربة قوية لم يشهدها منذ عقود تحت تأثير الحر والعاصفة المطرية، لينعي مزارعوه الموسم كاملاً، وهو ما شاهدته بأم العين مع رؤية تحسرهم على موسمهم السنوي، الذي يعقدون الآمال عليه على محاصيل أخرى لتجاوز الغلاء وتجهيز مونة الشتاء ومستلزماته ليس أكثر.
خسارة مزارعي التين البعل لا تقل فداحة عن البيوت البلاستكية الشتوية وغيرها، لكن الغريب إشاحة النظر عن هذه الأضرار وكأنها لا تحصل، لدرجة لم يسأل أي مسؤول عن حال هؤلاء الفلاحين، وربما يأتي ذلك ضمن سياسة الإهمال المتبعة في ريف حماة وتحديداً في منطقة مصياف، كون هذا المحصول يتركز في أراضيها، التي تحتاج إلى اهتمام ودعم كبقية المناطق الزراعية، لم تطفر بهما وكأن يراد لهذه البقعة الجغرافية البقاء ضمن دائرة الفقر، المتزايد على نحو مخيف ولا سيما بعد اضطرار عائلات كثيرة للعزوف عن الزراعة بسبب عدم توافر أدنى مقوماتها كالماء المرهون توافره بالكهرباء، التي لا تأتي نصف ساعة باليوم مع أن هذه المنطقة تمتلك كل المقومات المطلوبة لتصبح من أغنى المناطق زراعياً وسياحياً، عند منحها “شوية” اهتمام ولن نطالب بالكثير منه كون النتيجة معروفة.
ولأن أغلب مسؤولينا يعملون وفق سياسة “التوجيهات” يأمل أهلها إصدار توجيه لمسؤولي محافظة حماة بالوقوف على مشاكل منطقة مصياف الغنية بمواردها وخيراتها، أقله معالجة مشكلة المياه المؤثرة بدرجة كبيرة على الزراعة، المنقذة لأزمتنا الاقتصادية والمعيشية، شرط تعديل السياسات الداعمة للاستيراد نحو دعم الإنتاج وأهله المنتجين وحلحلة صعوبات ومشاكل تسبب تفاقمها في تحويل الأرياف السورية الغنية بثرواتها إلى مناطق فقيرة قاحلة مع أن الظرف الصعب يفترض زراعة كل شبر فيها واستثمارها جيداً، فلماذا يتجاهل المعنيون هذه الحقيقة ويصرون على غامض أعينهم عن كنوز أرضنا التي حققت اكتفاءً ذاتياً وأمناً غذائياً لا نزال نحيا بظله حتى الآن، وهذا يستلزم تقديم كل التسهيلات للفلاح وتعويضه عن أي ضرر يصيبه وليس تجاهل خساراته المتكررة.
وبالعودة إلى موسم التين المتضرر ونتائجه الكارثية على أهله الفقراء، نرفع الصوت للمطالبة بإصدار قرار بتعويضهم أسوة بغيرهم من المزارعين، فمن الإنصاف معاملة كل الفلاحين سواسية مع الأخذ بعين الاعتبار حجم تكاليف إنتاج كل موسم، دون ذلك يحق لكل فلاح أياً كان موسم تعويضه عند تضرر محصوله من صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الذي وجد لمساعدة الفلاحين وقت الضيق، وليس هناك ضيق كالضرر الذي ألحقته موجة الحر بمحصول التين وخسارته نهائياً، فهل سيتم تعويض فلاحيي شجرة التين المباركة، أم سيشاح النظر كالعادة عن مصابهم الجديد ضمن سياسة الإهمال المتبعة وكأنه لم تضرب كارثة طبيعية الموسم، وهذا ظلم إضافي لسكان مدينة حماة عموماً ومصياف خصوصياً وتحديداً الفلاحين، الذين يصرون رغم كل مصائب الدهر على زراعة أراضيهم لإيمانهم أنها الحل الأول والأخير للخلاص من واقع معيشي متأزم عبر تأمين لقمة طيبة ونظيفة وأقل سعراً من منتجات غير المستوردة والمهربة، التي طالما نشجعها ولا ندعم منتجات أرضنا وفلاحنا نستحق هذه الأزمات، فكما يقول ويل لأمة لا تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة