المواطن والشراكة المفقودة..!
خاص غلوبال – سامي عيسى
لم تنته مؤامرة الكون على سورية، ولا حربها وعقوباتها الظالمة، وحصارها الذي لم يشهد التاريخ البشري مثيلاً له، بل مستمرون إلى أن وصلوا غزة وما فعلوه بها، فهي امتداد مستمر لاستهداف محور المقاومة بكل مكوناته وقدراته الاجتماعية والاقتصادية وحتى الجغرافية، والدخول إلى عمق الإنسان لفرض أجندات كثيرة تحمل في طياتها مفردات ومفاهيم يحاولون فيها زعزعة ثقة المواطن بدولته، وهذا ما حصل بالفعل منذ بداية الأزمة السورية حيث دخلت الكثير من المفردات التي لا يرضى عنها المواطن السوري، ولا تتناسب مع الحالة الاجتماعية والأخلاقية وحتى الطبيعة الإنسانية، وصولاً للحالة الإنتاجية التي يسعى الجميع لتعزيزها وتمكينها من الاستمرارية والبقاء..!.
والخطورة في الأمر أن هناك من يروج لهذه المفردات من المواطنين على اختلاف مواقعهم الاجتماعية أو الوظيفية، والأكثر خطورة محاولات الترجمة والتطبيق على أرض الواقع، والتي تستهدف تغيير سلوك المجتمع بمفرداته التي تعود بها على حب الوطن، والحفاظ على الهوية الأخلاقية والإنسانية لهذا المجتمع، وسلوكه اليومي الذي يحاول من خلاله حماية الإرث الوطني، وتدعيم الموروث بما يحمله من مضمون ديني واقتصادي وثقافي واجتماعي، ومكونات علمية وثقافية جميعها تعبر عن الحالة الوطنية، التي يسعى أهل المؤامرة وأدوات الحرب فرضها على الجغرافيا السورية، بكل مكوناتها المادية والبشرية.
وحديثنا اليوم للتذكير فقط بأولويات العمل الحكومية للحفاظ على الهوية السورية ومحاربة المفردات الدخيلة على المجتمع، وفرض نظام حماية يتماشى مع كل جديد، هدفه تحصين مكونات المجتمع، والتي يحتل فيها المواطن المرتبة الأولى، وذلك من خلال إيجاد حالة تدعيم اقتصادية واجتماعية، يمكن من خلالها مجابهة سلبيات الأزمة ومفرداتها الدخيلة، وهذا ليس ببعيد المنال، يمكن تحقيقه من خلال تنفيذ مجموعة من التحصينات تقوم بها الحكومة والجهات التابعة في مقدمتها:
تحسين واقع التعليم ورسم سياسة جديدة مرتبطة مباشرة بمواقع العمل، تسمح لكافة الخريجين من الجامعات والمعاهد من الحصول على فرص عمل، وخاصة أن تجربة الشؤون الاجتماعية السابقة تركت مئات الآلاف من الشبان خارج سوق العمل، واليوم وزارة التنمية وسياستها الجديدة قد أفرغت القطاعات الإنتاجية والخدمية من معظم خبراتها وكفاءاتها من الصفوف الأولى بحجة ” تطبيق بدعة المسار الزمني” والذي أصبح “فزاعة” كل الإدارات مع تأكيدنا على ضرورة تغيير الإدارات واستثمار الناجح منها في مواقع أخرى وليس وضعها في المكاتب والدواوين، وحتى غرف منازلهم المغلقة..!.
وهذا الأمر يقودنا لأمور أخرى لاتقل أهمية عما سبق، منها على سبيل المثال: سياسة الدعم التي فقدت مضمونها الاجتماعي في ظل ظروف صعبة، إمكاناتها تفوق إمكانات الدولة، وبالتالي لابد من رسم خارطة جديدة لهذه المكون يكون فيه المواطن الشريك الأكبر لضمان وصول الدعم لمستحقيه..!.
وهنا لا ننسى أهم مكون لإحداث تغيير جديد، يمكن من خلاله الحفاظ على إرث المجتمع المادي والأخلاقي، والذي يكمن في تنظيف الجهاز الرقابي من حالات الفساد الدخيلة والتي زادت مع استمرار الأزمة الحالية، ومفرداتها السلبية المفروضة على كافة القطاعات دون تحديد لأي منها، والأهم تحصين قطاع الخدمات لأنه على تماس مع المواطن، وهذا لن يتم إلا بتحقيق مشاركة واسعة للمواطن بكل يتعلق بقضاياه، وخاصة المعيشية والخدمية، وهذه ليست بمعجزة على الحكومة وجهاتها، بل من أبسط عملها لأن جميع النشاط يصب في خدمة المواطن، فلماذا لا نشاركه في تحمل المسؤولية، ومكاشفته بأدق التفاصيل، عندها لا تجد مواطناً يشير إلى مواقع خلل وفساد دون حل أو رأي يرضي ويحمي إرث المجتمع ومورثاته الأخلاقية والإنسانية والمادية وغيرها، وخلاف ذلك يبقى ما يحصل اليوم من مهاترات في الأسواق، واتهامات كثيرة بحالات الفساد واستغلال السلطة من قبل “ضعاف النفوس”، ومن لف لفيفهم في الجهاز الإداري وضرب كل موروث حلو وجميل في مجتمعنا السوري، فهل سنشهد ترجمة لما قلناه خلال المرحلة القادمة..؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة