حقدٌ لم يسلم منه حتى الحجر
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
مانراه اليوم من تدمير للحجر وقتل للبشر لا تمارسه “إسرائيل” في إطار الدفاع عن النفس الذي خضع للتشجيع الأمريكي والغربي لدرجة الاستخفاف بالرأي العام ضمن مجتمعاتهم الذي بات يدرك بأن “إسرائيل” تنفذ حرب إبادة ضدّ البشر وحرب تدمير ضدّ الحجر، في إطار الحقد التاريخي على حجارة المنطقة منذ عام 1948، حيث سبق أن دمرت أكثر من خمس وخمسين قرية فلسطينية قبل أن تولد حماس والجهاد الإسلامي بما يربو عن ثلاثة عقود، ولم يبقَ لتلك القرى أي أثر.
وفي العام 1974 بُعيد تنفيذ إتفاقية فصل القوات بين سورية و”إسرائيل” وانسحابها من القنيطرة، وجد السكان الذين عادوا إلى المدينة -التي لم تشهد أي عمليات عسكرية- لتفقد بيوتهم، وجدوها ركاماً وأكواماً من الحجارة، لم تدمر بالقنابل والصواريخ والقنابل وإنما بالجرافات وأدوات سلاح الهندسة، كما دُمرت العديد من القرى المبنية بالحجر بذات الطريقة كقرى الصمدانية الغربية والصمدانية الشرقية والحميدية.
لم يكن في تلك القرى أبراج ولا أنفاق، بل كانت عبارة عن بيوت مشادة بالحجر والطين، وكان سكان تلك القرى قد نزحوا عنها كمدنيين عزّل، لكن حقد “إسرائيل” على الحجر لا يقل عن حقدها على البشر.
في القنيطرة لم تسلم دور العبادة، المساجد والكنائس ومشفى الجولان، كلها خضعت للتدمير أو التشويه كي لا تعود الحياة إليها، وبقيت القنيطرة المدينة الشهيدة حتى الآن على الحقد الإسرائيلي وعلى جرائم الحرب التي ارتكبها بحق المدينة قبل أن ينسحب منها الصهاينة في السادس والعشرين من حزيران عام 1974.
أما الحقد الإسرائيلي على الأطفال فقد وثقته مشاهد قتل الطفل محمد الدرة واستغاثة والده التي لم تؤثر بضمير الإسرائيليين، بل منعوا سيارات الإسعاف من الوصول إلى الطفل النازف من رصاص غدرهم الحاقد، واليوم أكدت الحركة العالمية للدفاع عن أطفال فلسطين بأن هذا الحقد ما زال موجوداً ويتأجج، فقوات الاحتلال قتلت أكثر من 1700 طفل في غزة، أي بمعدل 120 طفلاً يومياً.
تدمير المشافي والإنذارات الإسرائيلية بضرورة إخلائها من المرضى ومن النازحين وكذلك الإنذارات المتعلقة بإخلاء مدارس الأونروا ليس لأغراض عسكرية، وإنما أيضاً للتنفيس عن حقد بحق البشر والحجر وللتعبير عن الاستخفاف بالأمم المتحدة وبالمنظمات التابعة لها.
الجميع يتحدث عن تحييد المدنيين وحمايتهم وتقديم المعونات الإغاثية لهم، أما “إسرائيل” فتفعل العكس وتعتبر معركتها لإبادتهم وبالأسلحة الأمريكية عالية الدقة والتدمير أولية لاترجع عنها،
بعد وساطات ومناشدات دولية وضغط مزعوم من الرئيس الأمريكي بايدن تم إدخال عشرين شاحنة مساعدات، فيما تبلغ الحاجة اليومية إلى مئة شاحنة كحد أدنى وفق مصادر الهلال الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي.
“إسرائيل” لا تخاف من البشر ومن الأبراج السكنية ومن الأنفاق ومن المقاومين فقط وإنما تخاف كل شيء، وحاقدة على كل شيء ومع كل ماتملكه من أدوات تدميرية ومن مجرمي حرب ومن دعم أمريكي وغربي إلا أنها تعيش حالة من الهلع، ولم تعد تشعر بالأمان حتى خارج فلسطين المحتلة، فلم يعد سفراؤها ورعايها بأمان، حيث طلبت من الجميع العودة أو التزام مقراتهم، فالخطر كبير ولم يتركوا لهم صاحباً وقد أثبت قادة “إسرائيل” بأنهم ليسوا قادرين على العيش بسلام وباتت جرائمهم تلاحقهم أينما كانوا، ولكن لن يفلتوا من العقاب طال الزمن أم قصر.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة