حكومة أمام تحديات السياسة والاقتصاد
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
هل تستطيع الحكومة أن تساعد المواطن على التفاؤل بتجاوز الظروف الصعبة التي يعيشها، أو تحويل الانفراج والانفتاح السياسي إلى ثمار اقتصادية، وهل تعي الحكومة أن الإنتاج ابتداءً من الزراعي وصولاً إلى الصناعي بات يحتاج إلى عناية مركزة، في ظل الإسراف الذي نشهده بالاهتمام بالمشاريع الطفيلية وتنمية قطاع الخدمات دون وجود أي فوائض في قواعد الاقتصاد المتين لبلد زراعي بالدرجة الأولى؟.
هذه الأسئلة يرددها الشارع السوري بشكل أكبر مع اقتراب تشكيل الحكومة الجديدة، آملاً تحقق تغيير جذري في آليات التخطيط والتنفيذ الحكومية.
وبالمقابل فإن الأحداث السياسية والانفتاح الدبلوماسي على سورية خلال السنتين الأخيرتين سواء من خلال استعادة سورية لمقعدها في الجامعة العربية، أو تطور الموقف الأوروبي بشكل إيجابي تجاه العلاقات مع سورية، حيث أعادت بعض الدول الأوروبية علاقاتها مع دمشق، فضلاً عن الاتفاقات الاستراتيجية التي تم توقيعها مع الصين، والتي حتى اللحظة لم يتم استثمارها بالشكل المأمول، ولم يشعر المواطن بأي تحسن في وضعه المعيشي.
ما يعني أن العلاقة بين السياسة والاقتصاد والتأثير المتبادل بينهما كانت مشلولة على عكس التأثير السلبي الذي انعكس على حياة المواطنين نتيجة الضغط السياسي الذي مارسته بعض الدول على سورية في السنوات العشر الأولى من الأزمة، ومهما كانت معوقات تحويل تلك التطورات الإيجابية السياسية إلى حصاد اقتصادي.
فإن المواطن لم يستطع أن يلتمس أعذاراً للحكومة بأدائها المتواضع الذي تسبب بتراجع الوضع المعيشي والتضخم وغلاء المنتجات المحلية بنسب فاقت النسب التي زادت على السلع المستوردة، وحتى الاستثمارات التي نشطت فهي في معظمها كانت مشاريع استهلاكية لا ندري ما هي قيمتها المضافة فمعظمها مجال الفنادق والمطاعم والسياحة والترفيه والتي ربما عمقت الهوة بين الفقراء والأغنياء، وبات راتب الموظف الشهري لا يكفي لتناول وجبة طعام متواضعة حتى في المطاعم الشعبية.
من المؤكد أن الحكومة المنتظرة ستكون على بينة من هذا الواقع، كما تعلم حجم الهوة التي تفصل بين الدخل ومتطلبات الحياة، وأنها لن تستطيع قلب الواقع بعصاً سحرية.
لكن من المفترض أن تؤمن هذه الحكومة بأنه لا شيء مستحيل، وأن العمل وفق القوانين والإجراءات التي تفرضها الأزمات واستغلال الموارد بالشكل الأمثل يمكن أن يعيدنا إلى السكة الصحيحة لتفكيك الأزمات والتغلب على مكوناتها تباعاً.
كما أن الخطوة الأهم في هذا المجال يجب أن تبدأ من توفير حوامل الطاقة وزيادة الدعم والاستثمار في مجال الزراعة لتأمين السلة الغذائية بأسعار تناسب دخل الشرائح الأوسع من المجتمع وتحقيق التوازن بين تكاليف الإنتاج والأسعار، وتنمية التسويق والتصنيع الزراعيين، وتركيز عمليات التصدير لفوائض الإنتاج والأفضل أن يكون مصنعاً، مع تأمين البذار والأسمدة والأدوية والمبيدات والأعلاف بأسعار مدعومة أو على الأقل بسعرها في دول الجوار، فضلاً عن إعادة الاهتمام بتأمين حاجة السوق من اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض ومشتقات الألبان، والتي باتت في معظمها خارج موائد أصحاب الدخل المحدود وتفوق أسعارها الأسعار في الدول المجاورة دون مبرر مقنع.
إن ما ذكرناه لا يعدو كونه نقطة في بحر ما يترتب على الحكومة فعله واتباع طرائق علمية في التخطيط والتنفيذ والإشراف، آملين أن يشجع عمل الحكومة وطريقة تعاملها في حل المشكلات وإدارة الموارد، فجميع المواطنين على التفاؤل بتجاوز الأحوال الصعبة التي إن استمرت فهي تهدد بإغراقهم في مستنقع الحاجة والفقر.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة