حنين إلى السلالات الحيوانية “البلدية” لدى مربي حمص… مدير الإنتاج الحيواني لـ«غلوبال»: مشاريع لنشر الصفات الوراثية العالية وتفضيل المستورد سببه إنتاجيته العالية
خاص حمص – زينب سلوم
دائماً ما يتحدث المواطنون في مدينة حمص عن الماضي وجماليته على جميع الصعد، مستذكرين الحيوانات “البلدية” التي كانت تقاوم جميع الظروف المناخية، والأمراض، ويكفيها القليل من العلف المتوفر والعشب وشيء بالكاد يذكر من الطبابة البيطرية، وكيف انقلبت الحال الآن بعد أن مالت الجهات الرسمية نحو استيراد أبقار وحيوانات غريبة عن بيئتنا تكثر أمراضها ونفوقاتها، وتتطلب الكثير من العلف المستورد والأدوية واللقاحات والتلقيحات الاصطناعية، بل مايزيد الطين بلة هو ذبح الحيوانات “البلدية” والإحجام عن تربيتها، ناهيك عن جنوح بعض التجار إلى شراء إناثها، وخاصةً الصغيرة ولغرض الذبح لا التربية.
كل ذلك يقود للتساؤل: ماهو موقف الجهات المعنية مما يحدث من جهة، ومن جهةٍ أخرى هل توجد مؤسسات على غرار مؤسسة “إكثار البذار” تُعنى بالبذرة المحلية وإلى جانبها السلالة الحيوانية المحلية قبل انقراضها والوصول إلى وضع أصعب مما هو عليه، والكلام بالتأكيد يشمل الدواجن.
الدكتور المهندس أسامة حمود، مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة أوضح في تصريح خاص لـ«غلوبال» بأنه يوجد شبيه لإكثار البذور متعلق بالشق الزراعي الحيواني يُعنى بإكثار الحيوانات، فهناك مشروع لنشر وتعميم التلقيح الاصطناعي، يقوم على إنتاج السائل المنوي من ثيران تحمل صفات وراثية عالية ومنتقاة بعناية وفق شروط دقيقة ومعايير عالمية، وحفظه وتجميده وتوزيعه على المحافظات وفق خطوط دموية، بهدف تلقيح كامل قطيع الأبقار اصطناعياً وبشكل مجاني، وبتكلفة تصل إلى 3 مليارات ليرة سنوياً تتحملها الدولة.
وأضاف: هناك مشاريع أخرى متعدّدة لدى الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية لإكثار أغنام “العواس” التي تحمل صفات وراثية عالية، وتوزيعها على المربين ومتابعتها، إضافةً إلى مشاريع للحفاظ على سلالات الأبقار المحلية، لكن لاتوجد مؤسسة لـ”إكثار الحيوانات” حتى تاريخه، مؤكداً بأنه يتم العمل على تنفيذ ذلك على أرض الواقع بهدف تحقيق رؤى وطروحات ملتقى تطوير القطاع الزراعي.
وأوضح الدكتور حمود بأن الاستيراد تم اللجوء إليه بهدف سدّ الفجوة العددية، بالتزامن مع تداعيات الحرب على القطاع الزراعي الحيواني وانخفاض أعداد الحيوانات بشكل كبير، كحلٍ رديف لمشاريع إكثار الثروة الحيوانية محلياً.
ولفت إلى أن الأبقار سواء كانت محلية أم مستوردة فإنها تخضع لحملات التحصين الوقائي التي تنفذها مديرية الصحة الحيوانية في الوزارة بشكل دوري ومجاني، وبالتالي فإن كلا النوعين البلدي أو المستورد يخضع للعناية البيطرية.
وأشار مدير الإنتاج الحيواني إلى أن إقبال المربين على تربية الأبقار المستوردة متعلّق بكمية الإنتاج، فرغم أن الأبقار المحلية تتمتع بصفات إيجابية متعدّدة، إلا أنها لا تتمتع بإنتاج كثيف بالمقارنة مع نظيراتها من السلالات المستوردة، أما تغذية الأبقار فهي لا تقتصر على الأعشاب والمحاصيل بل هناك علائق مركزة وعلائق خضراء يجب أن تتناولها الأبقار بنوعيها المشار إليهما آنفاً لكي تعطي الإنتاج المطلوب، وهذا ما يفسر التباين بين مربٍ وآخر وفق نوعية العلائق والعلف المقدّم.
أما بالنسبة لموضوع الذبح فقد جدّدت الزراعة قرار منع الذبح العشوائي وحددت الفئات المسموح والممنوع ذبحها والنسب لجميع المسالخ، والقرار مفصل ودقيق وهناك لجان مشكلة لمتابعة هذا الأمر في جميع المسالخ، وبالتنسيق بين وزارتي الزراعة والإدارة المحلية والبيئة لوضع ضوابط العمل ومراقبتها.
وفي سياقٍ متصل، أرجع الدكتور حمود ارتفاع أسعار الدواجن ومنتجاتها من بيض المائدة لارتفاع أسعار العلف، والذي يشكل ٨٠% من تكاليف التربية وهو في معظمه مستورد “الذرة الصفراء، كسبة فول الصويا..” وجميعها شهدت ارتفاعاً عالمياً في أسعارها، إضافةً إلى ارتفاع أسعار بقية مدخلات الإنتاج من حوامل الطاقة، وأجور العمالة.
لافتاً إلى أن هناك جهوداً تبذلها الزراعة لتقديم الدعم لقطاع تربية الدواجن بهدف تمكينه من تلبية حاجة السوق من اللحوم والبيض، واستمرار المربين ضمن هذا القطاع بعد خروج أعداد كبيرة منهم من نطاق عملية التربية بسبب انخفاض الجدوى، وخاصةً للطاقات الإنتاجية المنخفضة التي تقل فيها الأعداد عن عشرة آلاف طير في دورة التربية الواحدة، كما لفت إلى القرارات الأخيرة المتعلقة بالسماح باستثمار المداجن غير المستثمرة مرخصة أو غير مرخصة بموجب وثيقة استثمار وتربية بهدف تشجيع عودة المربين على عملية التربية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة