عدوان متعدد بإشراف أمريكي
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يتهمنا الكثيرون بالمبالغة عندما نقول، إن كل الأعمال العسكرية التي تقوم بها “إسرائيل” هي بأسلحة وبتحريض ومشاركة وبقرار أمريكي، وخاصة في العمليات العدوانية التي يتم تنفيذها خارج فلسطين المحتلة، لأن “إسرائيل” متأكدة أن المغامرة خارج حدود كيانها تحتاج إلى احتياطات وقائية أمريكية للتدخل والتصدي لردود الفعل التي يمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية تضع الكيان على شفا الانهيار، وهذا ما يفسر ذلك التواجد العسكري المكثّف شرق المتوسط للقوات الأمريكية واستنفار قواعدها في كل دول الإقليم، وما يفسر أيضاً ارتفاع وتيرة الاعتداءات على المواقع العسكرية والمدنية السورية تحت ذرائع مفبركة منذ تكثيف التواجد العسكري الأمريكي.
إن ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة الفائت عن مشاركة ومتابعة قائد القوات المركزية الأمريكية من “إسرائيل” العدوان الذي شنه جيش كيانها على المنطقة الوسطى أواخر الأسبوع الماضي، وخاصةً في منطقة مصياف، والذي كان الأكثر إجراماً والأشد تخريباً للبنى التحتية، وفي مجال عدد الضحايا من المدنيين، فيما كانت المواقع التي تم استهدافها سورية مئة بالمئة – خلافاً للذرائع – وفق ما أكدته وسائل إعلام إسرائيلية وغربية، وكأن “إسرائيل” مطمئنة إلى أنها نفذت عدواناً بمشاركة فعلية أمريكية.
فهل يعقل أن تكون واشنطن جادة في الوساطة والرعاية لمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتكلف قائد قواتها بالمشاركة المباشرة بالعدوان على سورية؟.
قبل أيام معدودة قال وزير الخارجية الروسي لافروف، إن الاستخبارات الأوكرانية تتواصل مع جبهة النصرة في إدلب، وتجند إرهابيين للحرب ضد روسيا، وهذا لا يمكن أن يتم دون تنسيق مع الإدارة الأمريكية التي تدخلت بكل ما لديها من وسائل غير مباشرة لدرجة دفعت الرئيس الروسي بوتين التهديد بتحميل أمريكا كامل المسؤولية إذا استخدمت كييف أسلحة أمريكية لاستهداف مناطق داخل الأراضي الروسية، مع أن روسيا والعالم يدرك أن أمريكا ترعى عملية نقل الإرهابيين من سورية ومن مناطق العالم المختلفة إلى أوكرانيا، وهي التي قامت بشكل غير مباشر على توريد عشرات الآلاف من إرهابيي العالم لزجهم في المحرقة السورية.
وهي التي تعرقل عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، بل ساهمت بتحويل ما يسمى المعارضة المسلحة ومخيمات اللاجئين إلى مستنقع يفرز سنوياً آلاف الإرهابيين الذين يقاتلون في أوكرانيا وليبيا والسودان وفي دول إفريقية عديدة، وقد كشفت العديد من التقارير الإعلامية عن عملية تجنيد المسلحين وتحريك الإرهابيين لنشر الفوضى والإرهاب والإمعان في تحويل الكرة الأرضية إلى بؤر توتر وجبهات اشتباك، دون قدرة أي طرف على حسم الصراع لصالحه، وهذا ما بتنا نلاحظه منذ تفرّد أمريكا بـ”قيادة العالم” بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار جدار برلين قبل خمس وثلاثين عاماً وحتى الآن.
بعد كل ما أوردناه هل سيقتنع العالم بأن معظم حروبه ومشكلاته وبؤر توتره وتزايد فقر شعوبه تتم برعاية أمريكية باتت مكشوفة؟، فما تورده نيويورك تايمز وغيرها من وسائل إعلام غربية ما هو إلا جزء بسيط من حجم التورط الأمريكي في إشعال الحرائق وإذكاء الصراعات، وتحويل البشر إلى مرتزقة يبحثون عمن يدفع لهم أكثر للتحالف حتى مع الشيطان، وقتل كل من يقف في وجههم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة