عواطف أمريكية لا توقف الإبادة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
موقف مشترك بين الرئيس الأمريكي بايدن والمرشحة الرئاسية هاريس من مقتل الناشطة الأمريكية من أصول تركية برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية يتلخص بالغضب وضرورة التحقيق في مقتلها بعد أن أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض أن “إسرائيل” قد أحاطتهم علماً بمقتلها.
ومن المتوقع أن تطالب الإدارة الأمريكية وغيرها من إدارات الغرب بتشكيل لجنة تحقيق بالحادث الذي أقلق بايدن وهاريس دفعة واحدة.
لكن “إسرائيل” التي تمارس إجرامها منذ ما قبل النكبة وإلى ما بعدها، وقبل “طوفان الأقصى” وبعده بحق المدنيين والناشطين والصحفيين وطواقم الإغاثة وموظفي المنظمات الدولية، تعودت على ردود الفعل الأمريكية “القلقة”، وعلى اللجان التي يطالبون بتشكيلها لأن نتائج التحقيق وتقاريرها لا تعطي أي تأثير يمكن أن يصحح السلوك الإجرامي الإسرائيلي.
فالعواطف الأمريكية وقلق المسؤولين في البيت الأبيض لا يعدو عن كونه متاجرة رخيصة تهدف لامتصاص نقمة الرأي العام الأمريكي والعالمي لأنه وقبل أن ينسى العالم الجريمة ترتكب “إسرائيل” جريمة أبشع منها، وتضاف لجنة تحقيق أخرى إلى عشرات اللجان التي تعود الكيان الصهيوني على تجاهلها وتجاهل تقاريرها وتوصياتها.
تماماً كما تتجاهل قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي واتفاقيات جنيف وقرارات العدل الدولية والجنائية الدولية دون أن يرفّ لمسؤولي البيت الأبيض جفنٌ، أو حتى تتأثر صادرات الأسلحة المتطورة التي تساعد جيش الحرب الإسرائيلي على التمادي في اعتداءاته على المدنيين العزّل الفلسطينيين، وعلى دول الجوار، مخالفاً كل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.
أما بالنسبة لخطوة أمريكا يوم الخميس الفائت في سحبها حاملة الطائرات “روزفلت” وما سبقها من سحب “راسل” من مياه المنطقة يدخل ضمن “الجهود” الأمريكية الاستعراضية للضغط على نتنياهو للقبول باتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي ترعاه واشنطن والدوحة والقاهرة، أو للتهدئة التي يمكن أن تجنّب المنطقة حرباً إقليمية يحذّر العالم من خطورة نشوبها.
لقد تأكد العالم أن الشراكة الأمريكية – الإسرائيلية ليست من أجل حماية “إسرائيل” فقط، وإنما من أجل الاستمرار في تكريس السياسات الإجرامية والإبقاء على الوضع المتوتر في المنطقة، والعالم؛ فالسلام وتقارب الشعوب وتجاوز مشكلات الماضي تهدد دور “الإطفائي الأمريكي” الذي يحاول إطفاء النيران بمزيد من القشّ والحطب لإذكاء جميع الصراعات.
والحال فإن “إسرائيل” لا يزيدها “القلق” الأمريكي إلا إصراراً على زيادة مجازرها كماً وبشاعةً، فـ”إسرائيل” وأمريكا وجهان لعملة إجرام واحدة.
وبالمقابل فإن هذا ما دفع ويدفع دول الإقليم إلى إيجاد قواسم مشتركة، ليس آخرها الزيارات النشطة لبزشكيان إلى العراق وإقليم كردستان العراق، معزّزاً تصريحاته بالعمل على تعزيز العلاقات مع السعودية وكافة دول الجوار، ولإنهاء حالة التوتر التي افتعلتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة عبر عقود من الزمن.
وما تؤكده أيضاً حتى التصريحات التركية بهذا الخصوص في التقارب مع دمشق، على أمل أن تترجم تصريحاتها بالأفعال.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة