عيد ذهبي للصحفيين وواقعهم عكس ذلك
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
جميل جداً أن يحضر رئيس الحكومة في مكتبة الأسد للاحتفال بعيد الصحفيين الذهبي والذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد، لكن حسن الحضور لايغير في واقع الصحفيين الذي يتراجع سنة تلو أخرى، وباتوا يحسدون عمال المهن الأخرى على التعويضات التي يحصلون عليها، فيما تبخرت معظم المكاسب التي كانوا يحصلون عليها، وذلك إما لتقصير قياداتهم النقابية أو بسبب استخفاف الحكومات المتعاقبة لدورهم أو لتأثيرهم في الشأن العام.
لقد كان الحصول على الهواتف الأرضية في زمن ندرتها مع ثلاثمئة مكالمة مجانية في كل دورة، وحسم خمسين بالمئة من قيمة بطاقات الطائرة، وطبيعة العمل التي كانت من بين التعويضات الأعلى وبمقدار 55 بالمئة من الراتب، إضافة إلى ميزات أخرى ومنها الحصول على عشر شقق سكنية سنوياً للصحفيين، تجعل من الصحفي يعتز بدوره وبقيمته وبدخله وحتى راتبه التقاعدي الذي كان مايعادل مئة وخمسين دولاراً قبل الأزمة، بات الآن أقل من دولارين وبالكاد يشتري علبة دواء لأبسط أمراض الشيخوخة.
العيد الذهبي للصحفيين هل هو لتذكر التراجع المريع لأوضاعهم، أم لإعادة الأمل بتحسين أوضاعهم التي لم تغب عن طاولة رئيس الحكومة الحالي ولا عن طاولة رؤساء الحكومات السابقة، ونتيجة اهتمامهم السلبي للأسف تلاشت طبيعة العمل وانخفضت من 55 بالمئة إلى عشرة بالمئة، وتلاشت قيمة الوصفات الطبية السنوية وفقد متقاعدوهم القدرة على دفع نفقات العلاج، وباتوا يبحثون عن الجمعيات الخيرية عند تعرضهم لأي طارئ صحي.
الاحتفال بالذكرى الخمسين للاتحاد ومشاركة الحكومة به هو جبران لخاطرهم المكسور الذي لايمكن أن تجبره الابتسامات والوعود التي يتم ترحيل تنفيذها من حكومة إلى أخرى.
الصحفيون شركاء في كل معارك الدولة السياسية والعسكرية والتنموية، بل كانوا ولايزالون في فرق المواجهة الأولى لينطبق عليهم المثل القائل “أول من يضحي وآخر من يستفيد”.
المسألة لم تعد تتعلق بالفائدة، وإنما باتت تتعلف بماء الوجه حيث بات الصحفي يشعر بالخجل من مهنة المتاعب، التي باتت لاتستحق أكثر من عشرة بالمئة كطبيعة عمل وهي الأدنى على الإطلاق بين المهن الأخرى، وبراتب تقاعدي لايصل إلى ثلاثين ألف ليرة، بينما وصل الراتب التقاعدي لمهن أخرى إلى ثلاثمئة ألف.
العيد الخمسين والذكرى ذهبية، لكن الأفق لاتساعد على التفاؤل بتغيير أوضاع الصحفيين الذين يعتبرون الشريحة الأهم في الدول والمجتمعات وتؤمن لهم الحياة الكريمة، بل والمتميزة وهنا نحن لانطالب بميزات تفضلنا على الآخرين، وإنما بتنا نطالب بمساواتنا مع الآخرين، وأن تشملنا مظلة الأمان بعد التقاعد وتأمين الرعاية الصحية التي تؤرق الأصحاء قبل المرضى.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة