لا تلوموا المركزي… وانتظروا النتائج
خاص غلوبال – مادلين جليس
لاتزال قرارات مصرف سورية المركزي محط متابعة الاقتصاديين خاصة ما يتعلق منها بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، سواء لجهة رفع أسعار السلع التي باتت تشكل مصدر ترقب وخوف للمستهلك السوري، أم لجهة رفع سعر المستوردات التي تقض مضجع التاجر، والتي ستعود هي الأخرى برفع جديد في الأسعار يدفعه المواطن “المعتر” ذاته.
منذ قرابة الأسبوع عدّل المركزي وللمرة الرابعة خلال أشهر سعر صرف الحوالات ليصبح 12500 ليرة سورية للدولار الواحد بدلاً من 11500، وقبل يومين أيضاً عدل السعر ليصبح 12600 ليرة، الأمر الذي دعا بعض الاقتصاديين إلى اعتبار ذلك القرار مسايرة واضحة من قبل المركزي لسعر السوق السوداء معلنين بذلك أن المتحكم بالسعر هو السوداء وليس المركزي، بينما الحقيقة والواقع يوجبان على المركزي استلام زمام الأمور والتحكم بالسعر بدلاً من السوق السوداء، ليستطيع بعدها رفع قيمة الليرة السورية مقابل الدولار.
وهنا يحق لنا التساؤل باعتبار المركزي هو المتحكم بسوق الصرف وعليه يعول الجميع في ضبط سعر الصرف، ألا يملك المصرف الأدوات القادرة على ضبط سعر الصرف إلا برفع الحوالات وتحميل المواطن تبعيات قراراته، وجميعنا يعرف أنه و رغم توافر كل الأدوات فإن الإنتاج الفعلي هو الحكم الأساسي، مهما امتلك المركزي من أدوات ومهما اتخذ قرارات.
بالمقابل، وعلى الرغم من التخوفات التي تلف القرار المذكور برفع سعر المواد والسلع في الأسواق إلا أنه لايمكن لأحد منا إنكار أو التغافل أن من شأن هذا القرار أن يكون عاملاً في زيادة تحويلات المغتربين إلى ذويهم بالطرق النظامية بشكل أكبر من السابق خاصة بعد تقليل الفجوة بين السعر في السوق السوداء والسوق النظامي عدة مرات في أوقات متقاربة.
ولذلك سيكون واضحاً خلال القادمات من الأيام أثر هذا القرار في استقطاب الحوالات المالية القادمة من السوريين في الخارج بالعملة الصعبة واتجاهها بالتالي نحو الخزينة العامة، إضافة إلى الحد من السوق السوداء للصرافة، والانتقال نحو جذب الحوالات منها وكذلك من الدول المجاورة إلى القنوات الرسمية والقانونية، الأمر الذي سينعكس حتماً في تشجيع المواطن التعامل مع السوق الرسمية بعد أن يصبح سعر الصرف مجزياً بالنسبة له مقارنة بالسعر في السوداء.
الانعطافة التي قام بها المركزي والتي وصفها المحللون بالـ “متهورة” وغير مدروسة، لم تكن كذلك، فالمجال لايزال مفتوحاً أمامه لردم الفجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء وهو ما يعمل عليه مصرف سورية المركزي من خلال القرارات المتتالية لرفع سعر صرف الحوالات التي لابد وأن تكون عاملاً مهماً في زيادة المعروض من القطع الأجنبي.
ولعل المفيد هنا ألا نجزم بإيجابية هذا القرار أو حتى سلبيته، وترك الكلمة الفصل للأيام التي ستحمل “الخبر اليقين”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة