مخرجات التعليم… ضحالة فكر وتقانة!
خاص غلوبال – هني الحمدان
تتسابق الدول تجاه اكتساب المهارات والتوسع في تخصصات التعليم العالي لتهيئة كوادر علمية خبيرة ومؤتمتة.
واليوم بات التعليم العالي يكتسب أهمية كبرى باعتباره استثماراً للموارد البشرية، حيث يقاس تقدم الشعوب في عصرنا الحالي بماتملكه مِن أيد عاملة ذات كفاءة عالية، وعقول مفكرة ومبتكرة قادرة على تسخير التدريس، والبحث العلمي لخدمة المجتمع والتنمية، دول تقدمت بالتوسع الجاد بمخرجات جامعاتها، وهذه أصبحت مراكز إشعاع معرفية وعلمية، للمجتمعِ ولمؤسساته، تعرفت من خلاله على همومه وغمومه لمحاولة الإسهام في وضع الحلول الناجعة لعلاجِها.
هنا يطرح السؤال الذي يجول بخاطر كل إنسان، هل حقق التعليم العالي لدينا جل الأهداف التي تعمل الوزارة بشأنها؟.
بمعنى أين مخرجات التعليم من مسائل وقضايا النمو والتنمية الاقتصادية وحتى الإدارية الناجحة؟ مامدى تطبيق البحث العلمي واستشرافات المستقبل بكل مشكلاته وتحدياته؟.
واجهت أنظمة التعليم العالي في دول عدة، ليس ببلادنا فقط تغيرات متسارعة في الوقت الحاضر، خاصة تلك التي أحدثها الانفجار المعرفي والتقني، والتي أسهمت في التغيرات التي حدثت في شتى أنواع العلوم، ومن هنا دول برمجت خططاً لمواجهة آخر ماتم بزوغه من تخصصات وأساليب جديدة تتماشى مع عصر التحولات التقنية المتسارعة؛ ما يتطلب من أنظمة التعليم العالي التخلّي عن جمودها الحالي والنمطية السائدة، والأخذ بقدر متزايد من المرونة والتنوع الشامل.
من يتخلف عن ركب المتغيرات الطارئة ويجهل أسس وفوائد مخرجات التعليم العالي للغد، سيبقى غارقاً في أزمات عديدة تعرقل مسيرة نموه وانتعاشه ويبقى أسير ظروف وتحديات من الصعب اختراقها أو تذليلها بسهولة، فهذا القطاع يعد ركيزة من ركائز التقدم الاقتصادي والاجتماعيِ، والعلمي، ووسيلة أساسية لتحقيق الرفاهية والرخاءِ للمجتمعات، بل صار بمثابة مؤسسة إنتاجية تدر نفعاً ضخماً، يمكنها إمداد الإدارات والمؤسسات بالكوادر البشرية المؤهلة، والعقولِ المفكرة القادرة على تحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات بكل حس وأداء عال.
أصبح في عالم اليوم طريق مهم نحو التنمية ورفع مستوى معيشة الفرد، بحال كان التعامل مع مخرجاته بأهداف وبرامج تخدم التنمية بعيداً عن أي شعارات، فأهمية التخصصات العليا وما يتفرع عنها ويستفاد منها في مناحي الإنتاجية والاقتصاد، مسألة لم تعد محل جدل أو نقاش، فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت -بما لا يدع مجالاً للشك- أن بداية التقدم الحقيقية للدول هي التعليم، وأن الدول التي تقدمت كان تقدمها من بوابة التعليم، بل إن الدول المتقدمة نفسها أصبحت تضع التعليم في أولوية برامجها وسياساتها.
مع شديد الأسف مخرجات بعض الجامعات لم يصل للمستوى المطلوب بعد، زيادات بالإعدادات مقابل ضحالة بالفكر التقني العلمي واستشرافات المستقبل التي تتسارع مفرزاتها يوماً بعد آخر، ولم تكلف الوزارة عناء التغيير بآليات التعاطي نحو التجديد والتركيز على كل مايتلاءم مع احتياجات الظروف والمجتمعات، فهي في واد والبحث العلمي وصقل المعارف بوادٍ ثانٍ.
فالتعليم العالي المطلوب بوقت تسارع عصر التقنيات والتكنولوجيا، هو تعليم شامل وتخصصي فِي الوقت نفسه، تعليم ذو علاقة ما بين مخرجاته ومتطلبات التنمية، فقوة الأمم تقاس اليوم بما تملكه من معرفة متطورة وثقافة متقدمة، وثروة بشرية قادرة على الاكتشاف والإبداعِ.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة