أسعارنا خاصة جدا لا علاقة لها بالعالمية!!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: علي عبود
أشك أن من يتابع تراجع أسعار المواد الغذائية في العالم للشهر الثالث على التوالي سيلمس تأثيرها في سورية لا في المدى القريب، ولا البعيد!
وإذا كانت أسعار موادنا الغذائية منذ ثلاثة أشهر أعلى بنسبة 40% من مثيلاتها سواء في الدول القريبة أم البعيدة، فهذا يؤكد أن أسعارنا خاصة جدا لا علاقة لها بالعالمية، حتى لو صدرت عن منظمة الأغذية الزراعية التابعة للأمم المتحدة!
وإذا افترضنا نظريا أن الحكومة تمكنت من إلزام التجار بتخفيض أسعارهم بالنسبة نفسها التي انخفضت فيها السلع الأساسية من حبوب وزيوت وسكر وهي 2.3 ـ 7.6 % ..الخ، فإن أسعارنا ستبقى أعلى من مثيلاتها العالمية بنسبة لاتقل عن 32 %، وهذا الأمر ليس بغريب على الإطلاق، مادامت كل من وزارتي الكهرباء والنفط ترفعان أسعار حوامل الطاقة بين شهر وآخر!
وفي الوقت الذي تراجعت أسعار السكر والزيوت النباتية في العالم، سجل سعر كيلو السكر في سورية قبل أيام رقما قياسيا 4500 ل س، وبقي الزيت النباتي اغلى بنسبة 100 % من الدول العربية، 14( ألف مقابل 7 آلاف فقط)!
ولم يأت انخفاض الأسعار عالميا بفعل قرارات حكومية، وإنما بفعل زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية سواء في النصف الشمالي للكرة الأرضية أو في روسيا المزود الرئيسي للعالم بالحبوب.
أليس غريبا بل، ومريبا، أن تتراجع مؤشرات الزيوت النباتية على مدى ثلاثة أشهر وبنسبة 7.6 % بفعل زيادة إنتاجها في الدول المصدرة لها دون أن تتأثر بها أسعار الزيوت في سورية، بل إن وزارة التجارة الداخلية التي وعدت بتوزيع عبوتين على الأقل للأسرة السورية شهريا، لم توزع سوى عبوة واحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وكأنها تقول لمصنعي ومستوردي المادة التي لاغنى عنها لملايين الأسر السورية: احتكروا الزيوت النباتية وارفعوا أسعارها كما ترغبون؟
وغلاء المواد الغذائية بنسبة لاتقل عن 40 % على الأقل مقارنة بالدول العربية ليس استنتاجا ولا تحليلا، وإنما استنادا إلى اتصالات أجراها في آذار الماضي رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد العزيز المعقالي مع نظرائه في عدد من الدول العربية، ومع ذلك لم تتحرك وزارة التجارة الداخلية لضبط الأسواق والأسعار .. فلماذا؟
هل السبب إجراءات وتعقيدات الاستيراد، أم ضعف الحكومة بتطبيق الأسعار التي تصدرها بنشرات رسمية، أم تلاعب التجار بالبيانات الجمركية، ام مغالاة وزارة المالية بفرض الرسوم والضرائب التي تكبل النشاط الإقتصادي، ام برفع مستمر لحوامل الطاقة المتسببة برفع جميع أسعار السلع والخدمات..الخ.
يكفي سبب واحد من هذه الأسباب كي تكون أسعارنا خاصة جدا لا علاقة لها بالمفاهيم الاقتصادية ولا بمؤشرات الأسعار العالمية، فكيف إذا توفرت جميع هذه الأسباب معا وبشكل دائم؟!
وما يؤكد إن أسعارنا خاصة جدا هو عدم وجود سعر واحد للسلع الغذائية، ليس على مستوى سورية فقط، وإنما على مستوى المدينة الواحدة أيضا، ففي دمشق يختلف السعر في المزة عن الميدان أو الشعلان، والأسعار في أسواق الهال أقل من أسواق المفرق بمبالغ قد تصل إلى 2000 ليرة في المادة الواحدة!
قد يرى البعض أن التجار يتعاملون ببورصة الأسواق العالمية، ولكن عندما تؤكد غرفة تجارة دمشق إن مامن تاجر إلا ولديه مخزون لأكثر من خمس سنوات من المواد، فهذا يعني أن مسألة الأسعار هي أولا وأخيرا في قلة تحتكر الاستيراد، وتحتكر حركة انسيابها إلى الأسواق للتحكم بأسعارها التي ستبقى ترتفع أكثر فأكثر طالما أن لاالمستوردين ولا المصنعين ولا وزارة التجارة آبهين بالأسعار العالمية مهما انخفضت!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة