خبر عاجل
إصابة 11 شخصاً بحادث سير على طريق حماة- حمص… مدير مشفى حماة الوطني لـ«غلوبال»: الإصابات المسجلة غير خطرة ومعظمهن من النساء “فزعة”مياه الطيبة تتجاوز 1.5 مليار ليرة… رئيسة مجلس البلدة لـ«غلوبال»: ثلاث آبار جديدة ستحقق وفراً مائياً جيداً تدشين نفق المواساة السبت القادم… مدير دراسات محافظة دمشق لـ«غلوبال»: الحركة السطحية بدأت وتضاعف التكاليف نتيجة طبيعية لتذبذب الأسعار الجلاء يحسم أول مواجهات سلسلة الفاينل 6 على حساب الجيش تطور مستويات القراءة في العام الثالث من المشاركة بمسابقة تحدي القراءة عربياً.. المنسق العام للمبادرة في سورية لـ«غلوبال»: زودنا المدارس بنحو 40 ألف كتاب لتوسيع آفاق الاختيار  السوري عمر السومة يصل للهدف رقم 15 في الدوري القطري بدء ضخ مياه الشرب إلى مدينة حلب… مدير مؤسسة المياه لـ«غلوبال»: عودة التغذية بالتدريج للأحياء بعد إصلاح خط البابيري  وسائل التواصل تروج لأخبار كاذبة… نقيب صيادلة دمشق لـ«غلوبال»: لايوجد قرار لرفع سعر الأدوية وكافة الأصناف متوافرة  معتصم النهار يكشف خفايا انفصاله عن زوجته لين برنجكجي وسبب عودتهما! رغم سلبياته الراهنة الدفع الإلكتروني لا مفرّ منه… خبير اتصالات لـ«غلوبال»: صورة حضارية للخدمات ويساهم في ترسيخ الحكومة الإلكترونية والاقتصاد المعرفي
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

ملف الأسبوع من “غلوبال”: مطبات أمريكية تعترض العلاقات السورية التركية

خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بديع عفيف

أولاً، تزايد مؤشرات التقارب السوري التركي

قال الرئيس أردوغان إنه كان مستعدا للقاء الرئيس بشار الأسد على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند لو أن الأخير حضر. ونقلت صحيفة حرييت التركية عن أردوغان أثناء لقائه مع أعضاء في حزب العدالة والتنمية: “كنت أود لو يأتي الأسد إلى أوزبكستان، لكنت التقيته، لكنه لا يستطيع الحضور.. سورية ستنقسم بسببه وبسبب سلوكه. لقد حارب المعارضة لحماية سلطته“. وأضاف أردوغان: “من المؤسف أنه لن يتمكن من القدوم إلى أوزبكستان. كنت سألتقي به وأقول له هذا في وجهه”، نقلت وكالة تاس.

وفي السياق قالت الخارجية الروسية إن موسكو ترحب باستعداد الرئيس التركي لبحث عقد لقاء مع الرئيس السوري كما تدعم فكرة تنظيم لقاء بين وزيري خارجية البلدين، والمساعدة في ذلك. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف: “تدعم موسكو فكرة تنظيم اجتماع لوزيري خارجية تركيا وسورية… ونحن على استعداد للمساعدة في عقده إذا لزم الأمر”. وأضاف: “نرى أن الاجتماع سيكون مفيدا. نحن نتحدث عن إقامة اتصالات بين الجانبين، حاليا تجري الاتصالات على المستويين العسكري والاستخباراتي بين الجانبين.. نحن ندعم هذا اللقاء، ونشجعهم على ذلك”. وأكد بوغدانوف أن موسكو “تدعو إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق”. وتابع نائب الوزير قائلا: “إذا أرادوا، فنحن على استعداد دائما لتهيئة ذلك”. كما أعرب بوغدانوف عن ترحيب موسكو باستعداد ورغبة أردوغان لبحث عقد لقاء مع الأسد.

وكشفت صحيفة صباح المقربة من الحكومة التركية، ما قالت إنها تفاصيل حول ما دار خلال لقاء رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان مع مدير مكتب الأمن الوطني السوري على مملوك في دمشق خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقالت الصحيفة، أمس، إن المباحثات خلال اللقاء كانت بمثابة محاولة لوضع خريطة طريق للعودة الآمنة للسوريين في تركيا إلى بلادهم، مشيرة إلى أنه جرت مناقشة القضايا ذات الأولوية للطرفين وهوامش المرونة والبنود الرئيسية لخريطة الطريق التي يجب اتباعها من الآن فصاعداً. وأكدت أن الأمر سيستغرق بعض الوقت للحصول على نتيجة ملموسة من هذه المحادثات.

ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن مسؤولي المخابرات الأتراك عرضوا في دمشق قضايا تخص العودة الآمنة لجميع طالبي اللجوء، وإعادة العقارات لأصحابها، وتهيئة ظروف العمل والتوظيف، وضمان عدم إصدار أحكام بحقهم. وأضافت أن الجانب التركي طالب أيضاً بضرورة إلغاء «القانون رقم 10» الذي أصدرته الحكومة السورية في 2 نيسان عام 2018، والذي يقضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر في المناطق التي دمرتها الحرب، إلا إنه ينص على سحب ملكية العقار من المواطن خارج البلاد الذي لا يقدم إثباتات الملكية خلال 30 يوماً، وهو ما فسره الحقوقيون والناشطون بأنه عقاب جماعي للسوريين في دول اللجوء.

وبشأن ما طرحه الجانب السوري خلال لقاء فيدان والمملوك، قالت الصحيفة التركية إن سورية طالبت بانسحاب القوات التركية من كامل سورية، وكان رد الوفد التركي أن أنقرة ملتزمة بوحدة الأراضي السورية، لكن يمكن تقييم هذه المطالب لاحقاً، بشرط استكمال العملية الدستورية وإجراء انتخابات حرة وتجديد «اتفاقية أضنة» بشأن مكافحة الإرهاب الموقعة بين تركيا وسورية عام 1998. وقالت الصحيفة إنه ليس من المتوقع أن تكون هناك لقاءات في المدى القريب على مستوى الوزراء من الجانبين التركي والسوري أو لقاء بين الرئيسين الأسد وأردوغان.

ولفت عبد الباري عطوان في رأي اليوم، إلى أنّتسريبات صحافيّة من إيران وروسيا حول طلب تركيا من الائتلاف السوري المُعارض مُغادرة أراضيها، أثارت فورًا موجةً من الجدل في أوساط المُعارضة السوريّة أوّلًا، والأوساط الإقليميّة ثانيًا، وتباينت الآراء حول هذه المسألة بين نافٍ ومُؤكّد؛ لكنّ الأمْر المُؤكّد أن أردوغان يُعطي أولويّةً قُصوى هذه الأيّام للمُصالحة مع سورية، ومُحاولة إيجاد حَلٍّ سريع للتخلّص من حواليّ أربع ملايين لاجئ سوري على الأراضي التركيّة باتت قضيّتهم تحتلّ مكانةً بارزةً في حمَلات المُعارضة ضدّه وحزبه الحاكم مع اقتراب موعد الانتِخابات الرئاسيّة والتشريعيّة المُقبلة؛

وأوضح عطوان، أنه في ظِل إغلاق أوروبا أبوابها ونوافذها أمام اللّاجئين السوريين، وتفاقم الأزمة الاقتصاديّة التركيّة، وتنامي الغضب الشّعبي، وتراجع شعبيّة الحزب الحاكم في استِطلاعات الرأي، لم يبق إلا بابا واحدا للتخلّص من هؤلاء وبطَريقةٍ فاعلة وسريعة؛ الباب الرّسمي السوري الأقل كُلفَةً سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، خاصَّةً أن الرئيس بوتين حليف البلدين، والمُتواجدة قوّاته في الأراضي السوريّة، يقف بقُوّةٍ خلف هذه المُصالحة.

ونقل المحلل عما سمّاه مصدرا مُقرّبا من السّلطات السوريّة تأكيده هاتفيّا أن السّلطات التركيّة لا يُمكن أن تتخلّى عن الائتلاف السوري المُعارض، وتُريد استِخدامه كورقة ضغط في المُفاوضات المُتسارعة حاليًّا مع نظيرتها السوريّة بوساطةٍ روسيّة، فأردوغان يُريد حصّة في أيّ حَلٍّ قادم في سورية، سياسيًّا كانَ أو اقتصاديًّا، وفتْح الطُّرقات أمام صادراته إلى الخليج، ولهذا لن يُفرّط بهذه الورقة، وكُل ما يفعله الآن هو مُمارسة ضُغوط على الائتلاف وقيادته كعمليّة تطويع لها، وبما يتماشى وينسجم مع السّياسة التركيّة الجديدة تُجاه سورية، والفصل بين الائتلاف المُعتدل والفصائل المُصَنَّفة إرهابيًّا الموضوعة حاليًّا على مائدة التّصفية، وِفْقًا لتفاهماتِ قمّة سوتشي مع بوتين، وبُنود اتفاق أضنة المُرَجَّح، لتحقيق المطالب الأمنيّة للبلدين؛ وأوّل خطوات التطويع، بحسب المصدر، تتمثّل في وقف التّمويل، للائتلاف أو تقليصه بالاتّفاق مع قطر، وسحب العديد من الامتِيازات التي تتمتّع بها قيادته ومُعظم كوادره على الأراضي التركيّة، وإغلاق بعض المكاتب.

وأضاف عطوان أنّ الحُكومات، وعلى رأسها التركيّة، تستخدم المُعارضات كأدوات، وأوراق ضغط ضدّ خُصومها، وبما يخدم سياساتها ومصالحها، وعندما تتغيّر الظّروف وتتقدّم المصالح تكون هذه المُعارضات الضحيّة الكُبرى؛ وأردف: الاتّصالات السريّة السوريّة التركيّة تسير بشَكلٍ مُتسارع هذه الأيام، والوصول إلى اتّفاق برعاية روسية باتَ وشيكا؛ فأردوغان في عجلةٍ من أمْره ويريد اتّفاق المُصالحة هذا قبل الانتخابات، ولهذا بدأ يتجاوب مع الشروط السورية التي تُطالب “بالأعمال وليس بالأقوال”، ولعل عملية التّدجين والتّطويع للائتلاف السوري هي أوّل الغيث، وبداية المُفاجآت، واسألوا المعارضة الإخوانية المِصريّة ونجومها الإعلامية وأينَ هُم الآن، وأين مِلف اغتيال الصّحافي جمال خاشقجي، ولماذا بدأت مُعظم المُعارضات العربيّة في إسطنبول تبحث عن مكانٍ آخَر.

ونشرت صحيفة الإندبندنت تقريراً أعدّه بورزو دراغاهي، قال فيه إن الرئيسين أردوغان والأسد قد يحتاجان لبعضهما البعض في قابل الأيام. وقال إن معظم العالم ركز على الحرب في أوكرانيا، لكن عندما سافر الرئيس التركي الشهر الماضي إلى منتجع سوتشي على البحر الأسود للقاء الرئيس بوتين، كان في ذهنه موضوع واحد وهو إقناع بوتين للموافقة على عمليته العسكرية التي يخطط لها ضد الأكراد في شمال- شرق سورية. ولم تعرف إلا قلة ما دار من حديث بينهما في اجتماع مغلق استمر أربع ساعات. وخرج  أردوغان من اللقاء وقد غير رأيه؛

 وبعد 11 عاماً من التحريض والدعم ضد “نظام الأسد” ودعم المعارضين له، بدأ بإرسال الرسائل عن المصالحة والحوار مع القيادة في دمشق… بالنسبة للكثيرين عبر النهج الجديد عن صدمة. ويرى الكاتب أن تركيا أعادت، في السنوات الماضية، ضبط سياستها الخارجية، وتصالحت مع أعدائها في المنطقة. لكن سورية تظل مختلفة، وتعقد الحقائق على الأرض التقارب التركي- السوري. ويقول عمر أوزكيزيلتشك من المؤسسة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية للأبحاث المرتبطة بالحكومة إن المصالحة ليست قريبة: “صورة بين أردوغان والأسد مستحيلة، وهذا لا يمنع تركيا من الدعوة للتطبيع في العلاقات، لكنني لا أتوقع علاقات دبلوماسية وستكون متعجلة كثيرا”. وتظل سيطرة تركيا على مساحات من شمال سورية ولعب دور الحماية في مناطق المعارضة وتأثيرها على محافظة إدلب، التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام”، عقبة لأي تصالح.

ويرى الكاتب أن تخفيف تركيا نبرتها من دمشق قد تكون خديعة للحصول على دعم الكرملين في الحملة العسكرية التي تريد من خلالها مهاجمة الأكراد الذين سيطروا على مناطق شمال- شرق سورية. وتتعامل أنقرة مع تجربة الأكراد بقيادة “حزب العمال الكردستاني” كخطر أكبر عليها من خطورة “نظام دمشق”. ويعتبر تحول أردوغان تجاه سورية متجذراً بالانتخابات المقبلة في 2023، حيث تحاول المعارضة توحيد صفوفها لهزيمة حزب العدالة والتنمية، وسط مشاعر حنق من ملايين اللاجئين السوريين وغيرهم الذي يحملون أردوغان مسؤولية السماح لهم بالبقاء. ويحاول أردوغان مواجهة المعارضة من خلال تبني مقترحاتهم والتصالح مع الأسد. وفي الوقت الذي يحاول فيه أردوغان الحصول على ضوء أخضر من موسكو لعمليته العسكرية ربما كانت الأخيرة تحاول جلبه لفلكها.

وتحت عنوان: ما أسباب تحوّل سياسة تركيا تجاه سورية من النقيض إلى النقيض؟ لفت سعيد عبد الرازق في الشرق الأوسط، إلى الحديث عن دوافع كثيرة لإحداث هذا التحول في سياسة تركيا تجاه سورية؛ منها أن تركيا في مرحلة إعادة صياغة جديدة لسياستها الخارجية تتجاوب مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وأنها بهذه السياسة تكسر عزلتها في محيطها الإقليمي بعد أن باتت هذه العزلة مشكلة حقيقية وورقة تُستغل من جانب المعارضة التركية في إظهار حالة الضعف التي وصلت إليها المؤسسات التركية تحت حكم «العدالة والتنمية» قبل التوجه إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في منتصف العام المقبل؛ كما يجري الحديث عن محاولة تركية للتخلص من التهديدات الأمنية وإنهاء وجود المسلحين الأكراد بالتنسيق مع سورية تلبيةً لرغبة موسكو. وذهبت وسائل إعلام موالية للحكومة إلى حد القول إن أنقرة اكتشفت أنها أخطأت في الحسابات الاستراتيجية بسبب الانجراف وراء الرغبة الأميركية في تغيير وجه المنطقة عبر «الربيع العربي»، وتحميل الخطأ لوزير الخارجية في ذلك الوقت أحمد داود أوغلو.

وتتردد في أروقة أنقرة أن روسيا ترغب في الانتهاء من هذا الملف والقضاء على المواجهات المحتملة بين تركيا والنظام في شمال سورية بسبب ضغوط الحرب في أوكرانيا وعدم وجود فرصة للتركيز بشكل كامل على الوضع السوري، لا سيما أنها ترى أن مشكلة تركيا الأمنية في سورية يمكن حلها من خلال اتفاقية أضنة مع تطويرها لتضمن لتركيا تحقيق أهدافها الأمنية عبر بوابة التعاون مع دمشق، وأن أنقرة بدأت بالفعل جني بعض المكاسب الاقتصادية من روسيا في هذا الإطار… هذا بخلاف ما يمكن أن يتحقق عند عودة العلاقات مع سورية سواء على مستوى التبادل التجاري أو تسهيل حركة التجارة التركية مع دول المنطقة وفي مرحلة لاحقة الاستفادة من مشروعات إعادة الإعمار إذا تحقق الاستقرار في سورية.

ولاحظت افتتاحية الخليج الإماراتية، خلال الأسابيع الأخيرة، وفي سياق السياسات التركية الجديدة، أن هناك ليونة في الموقف التركي، واستعداداً لفتح صفحة جديدة، بدأت ملامحها تظهر في تصريحات المسؤولين الأتراك. واعتبرت أنّ تطبيع العلاقات يحتاج إلى جهد كبير من جانب أنقرة ودمشق على حد سواء، وإلى مواصلة الدور الإيجابي لكل من موسكو وطهران لردم الفجوة، وبناء الثقة مجدداً بين الرئيسين الأسد وأردوغان، والتي كادت في يوم من الأيام تصل إلى حد التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني بين بلديهما.

وتابعت الصحيفة: يبدو أن العلاقات تم وضعها على الخط الصحيح، وبدأت تأخذ طريقاً نحو الدفء وذوبان الجليد، مشيرة إلى التصريحات التركية الأخيرة وإلى المفاوضات التي قيل إنها جرت في دمشق مؤخراً بين رئيسي الاستخبارات التركية والسورية في دمشق، معتبرة أنّ الرئيس التركي قطع الشك باليقين حول سياسة جديدة تجاه دمشق، والتوجه نحو مقاربة قد تفتح الباب أمام لقاءات تركية – سورية على مستوى رفيع، وهو ما أشارت إليه قبل أيام صحيفة «حرييت» التي نقلت عن أروغان رغبته في لقاء الرئيس الأسد، «لو حضر قمة منظمة شنغهاي» التي عقدت الأسبوع الماضي في مدينة سمرقند الكازاخستانية. وختمت الخليج بالقول: لا شك أن تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، سوف يشكل انقلاباً إقليمياً وسوف يغير معالم الحرب المعلنة على سورية.

ثانياً، مطبات أمريكية.. كالعادة

وأفادت صحيفة الأخبار اللبنانية، تحت عنوان: واشنطن لدمشق وحلفائها: اللعبة لم تنتهِ بعد… مخطّط معلَن لتفخيخ الملفّ السوري، أنهفيما يبدو مخطّطاً أميركياً حثيثاً لتفخيخ الملفّ السوري وتفجيره بوجه روسيا خصوصاً، في إطار الصراع المستعِر مع الأخيرة، تُكثّف واشنطن خطواتها على هذا الخطّ، ساعيةً بشكل تدريجي إلى سحب ورقة المعارضة من يد أنقرة تحسّباً لليوم الذي ستُكمل فيه الأخيرة استدارتها نحو دمشق، وفي الآن نفسه عرقلة أيّ مسار للحلّ السياسي تتولّى قيادتَه موسكو، ويمكن أن يفضي إلى نتائج تُعزّز «الانضباط» الذي ساد الميدان في الأشهر الأخيرة. وفي وقت يتواصل فيه الحصار المفروض على دمشق ومناطق سيطرتها، تعمل الولايات المتحدة على الدفْع نحو خلْق نموّ غير متوازن سيكون من شأنه تعميق الشروخ القائمة، بالتوازي مع توسيعها الهامش السياسي الممنوح للمعارضة، بل واستحداثها تشكيلات جديدة ستمثّل عنصر ضغط إضافياً على الدولة السورية وحلفائها.

وأوضحت الأخبار أنّ النشاطات الأمريكية بدأت تظَهر إلى العلن منذ ثلاثة أشهر تقريباً، لتبلُغ ذروتها مطلع شهر أيلول الحالي، عندما ترأّست الولايات المتحدة اجتماعاً لـ«أصدقاء سورية»، ضمّ مجموعة من الدول المناوئة لدمشق، بالإضافة إلى ممثّلين عن دول فاعلة في الملفّ السوري، وتمثّلت أولى ثماره في إطلاق حملة تشويش على قمّة الجزائر التي كان من المنتظر أن تنضمّ إليها سورية، قبل أن تُفضّل الأخيرة الانسحاب لتخفيف الضغوط عن «صديقتها».

وتبعت تلك الحملةَ خطواتٌ أميركية عدة، سواءً على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، من بينها تقديم تسهيلات للمعارضة السورية في «الائتلاف» و«هيئة التفاوض» للتحرّك على الأراضي الأميركية، وتقديم وعود لها بمنْحها مزايا اقتصادية، من بينها مساعدات مالية، وخلْق استثمارات في مناطق سيطرتها. كذلك، بادرت الولايات المتحدة إلى إحياء مسار الحوار الكردي – الكردي وتسريعه، والعمل على تهيئة الأرضيّة لتحقيق انفتاح بين معاقل «الإدارة الذاتية» ومساحات نفوذ الفصائل في الشمال السوري، بما فيها تلك التي استولت عليها تركيا بعد طرد الأكراد منها، وهو الأمر الذي كان يشكّل سابقاً خطّاً أحمر أميركياً، حيث اقتصر دعم واشنطن واستثناءاتها من قانون «قيصر» على المناطق التي انتزعتها أنقرة بعد طرد مقاتلي «داعش» منها.

وتابعت الأخبار، أنه وفي أولى الخطوات العملية لتقديم جرعة إنعاش للمعارضة، أرسلت واشنطن وفداً من المستثمرين السوريين – الأميركيين، بينهم مستثمر أميركي – بحريني، إلى الشمال السوري، لبحث الفرص الاستثمارية في تلك المناطق، وسُبل الاستفادة من استثناءات «قيصر». وإذ يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الضغوط على مناطق سيطرة الحكومة، فإن من شأنه أن يخلق نموّاً اقتصادياً غير متوازن، ويمنع دمشق من تغيير خريطة السيطرة الحالية أو تفعيل ملفّ إعادة اللاجئين والنازحين، والذي يشكّل أحد أبرز الملفات التي تستند إليها موسكو وطهران في محاولاتهما التقريب بين أنقرة ودمشق. وإلى الآن، لا تزال الولايات المتحدة تعرقل تنفيذ قرار مجلس الأمن 2642، والذي ينصّ على إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية وفق آلية جديدة تشمل في الآن نفسه الخطوط (أي عبر دمشق) والحدود (معبر باب الهوى)، بالتوازي مع إعطاء دفعة لعملية «التعافي المبكر».  

وبالإضافة إلى خطواتها على المستوى الاقتصادي، بدأت الولايات المتحدة خلْق تشكيلات معارِضة جديدة ستنْشط على أراضيها، لتُشكّل حلقة وصْل مع مناطق سيطرة المعارضة في سورية، على نحْوٍ يمكّن واشنطن من تعظيم تأثيرها على الوسط المعارِض، ومواجهة أيّ استدارة تركية غير مرغوبة في الفترة المقبلة. وفي هذا السياق، عُقد في واشنطن اجتماع هو الأوّل من نوعه لسوريين يحملون الجنسية الأميركية تحت اسم «مؤتمر الميثاق الوطني السوري»، بهدف وضع اللبِنة الأولى لـ«مؤتمر شامل يضمّ كلّ السوريين»، بحسب المنظّمين. وتعني هذه الخطوة، في حال استمرارها وتَطوّرها، السعي لتحويل مركز نشاط المعارضة من إسطنبول إلى واشنطن.  وتثير التحرّكات الأمريكية ارتياب تركيا في كوْن الولايات المتحدة ساعية إلى عملية سحب تدريجي لورقة المعارضة من يدها، خصوصاً أن التدخّل الأميركي تزامَن مع ارتفاع الأصوات، في أوساط المعارِضين، بالتنديد بالتقارب مع دمشق.

وأضافت الأخبار، في تقرير آخر، بعنوان: مشروع لتوحيد الفصائل المسلّحة: واشنطن «تخترق» معاقل أنقرة، أنّ تركيا تُواصل ارتقاءها في إبداء رغبتها في الانفتاح على دمشق والتطبيع معها، وهو ما يلاقي ترحيباً من روسيا، التي سارعت إلى اقتراح عقْد لقاء على مستوى وزيرَي الخارجية، تمهيداً لآخر على مستوى الرئيسَين. وعلى رغم التمسّك التركي بهذا المسار، إلّا أن ثمّة عوائق عديدة لا تزال تعترضه، من بينها ما هو مرتبط بسياسات أنقرة نفسها، وأخرى متّصلة بالسعي الأميركي لاختراق المناطق الخاضعة للسيطرة التركية، وسحْب ورقة المعارضة السورية من يد حليفة واشنطن في «الأطلسي»، بسبب رغبة واشنطن في إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، بما يخدم مصالحها، ويضمن استمرار وجودها العسكري في المناطق النفطية.

وبحسب الأخبار فإنّ مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري تعيش مخاضاً جديداً، عنوانه محاولة تشكيل جسم عسكري موحّد. ويأتي ذلك، بحسب مصادر ميدانية معارضة، استجابة لمساعي الولايات المتحدة إلى خلق بيئة مناسبة لتنمية استثمارات تستهدف من خلالها إنعاش المنطقة، ضمن خطّة أوسع غرضها ترسيخ حدود السيطرة الحالية، وإفشال مسار «أستانا».

ثالثاً، دلالات التقارب السوري التركي المتسارع!!

ورأى كمال خلف، في رأي اليوم، أنّ مسار التقارب السوري التركي يمضي بشكل متسارع وثابت، ويعكس رغبة الطرفين في ترتيب المرحلة المقبلة وإعادة صياغة العلاقة ونقلها من حالة العداء الى نوع من التعاون لحل الملفات العالقة والشائكة. وأضاف أنّ مسار العلاقة مع تركيا يشكل أولوية بالنسبة لدمشق وإن كانت مازالت تمارس سياسية الصمت والتحفظ وعدم إطلاق تصريحات إعلامية صريحة؛ وهذا مفهوم فالقيادة السورية تريد إجراءات عملية قبل الانفراجات الإعلامية. كما يحظى المسار بنوع من الجدية والاهتمام من صناع القرار في تركيا عبروا عنه من خلال سيل من التصريحات الواضحة بهذا الشأن ولدى انقرة حسابتها السياسية الداخلية والإقليمية المتعددة.

وأوضح خلف أنّ التطورات الهامة التي أراد الإشارة اليها اعتمد فيها على مصادر متعددة، بالإضافة الى متابعة ومراقبة السياسات والتصريحات، يتعلق أولها وأهمها بالتحضير للقمة التي ستجمع الرئيسين الأسد وأردوغان؛ فقد حصل الجانب الروسي على موافقة أولية من الرئيسين الأسد وأردوغان لعقد القمة. وهذا يتطلب نقل الحوار المباشر من المستوى الأمني الى المستوى السياسي عبر تنظيم لقاء بين وزيري خارجية البلدين دون أن يعني ذلك توقف خط الاتصال الأمني بل العكس؛ وستكون مهمة الحوار السياسي بالاستناد والمتابعة مع نتائج الحوار الأمني منحصرة في تنظيم جدول اعمال قمة الأسد ـ أردوغان، لضمان الوصول الى نتائج عملية ونجاح القمة، ودارسة إذا ما كان من المفيد والممكن القيام بعض الخطوات الإجرائية التمهيدية قبل عقد القمة، وعليه فقد نشهد المزيد من مظاهر التقارب، وربما بعض الإجراءات الميدانية أو السياسية خلال الأيام المقبلة.

وأورد المحلل أنّ الامن التركي اعتقل المدعو عمر سخلو المقيم في تركيا وهو قائد كتيبة نور الدين زنكي، وأحد افراد المجموعة التي قطعت رأس الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى من مخيم حندرات في حلب عام ٢٠١٦ ووثقت الجريمة بشريط فيديو ظهر فيه المدعو عمر بشكل واضح. وهذا الاعتقال ليس الوحيد، فقد نفذ الامن التركي اعتقالات أخرى وهذا يعتبر ثمرة الاتصالات الأمنية السورية التركية. وتابع خلف أنّ التطور اللافت الآخر الآن يخص تركيا؛ فمن الواضح أن أنقرة أعطت الضوء الأخضر للمسؤولين الحكوميين وقادة حزب العدالة ووسائل الإعلام التركية للحديث بشكل واضح ومباشر عن رغبة تركيا في الانفتاح على علاقة مباشرة وتعاون ومفاوضات مع سورية، بعض النظر عن الأصوات المعترضة سواء كانت تركية او تلك الصادرة عن المعارضة السورية وقادة الفصائل وشرعييها في الشمال السوري.

وعلى ذمة بعض المصادر، فإن وزير الخارجية فيصل المقداد حضر جانبا من القمة الثلاثية في طهران التي جمعت أردوغان ورئيسي وبوتين في تموز الماضي، وكان المقداد كان زار طهران بالتزامن مع انعقاد القمة دون الإعلان عن حضوره القمة. وإذا كانت هذه المصادر دقيقة، فإن هذا يعني أن ثمة لقاء سياسي ثان حصل بين سورية وتركيا، وكان الأول ما كشفه وزير الخارجية التركية عن لقاء جمعه مع المقداد على هامش اجتماع في بلغراد؛ أما اللقاء الثالث والذي سيكون معلن فقد يحصل مطلع الشهر المقبل.

وأضاف خلف أنّ ما يمكن رصده من مستجدات في هذا الملف هو انطلاق الحديث عن نقل الحوار بين الحكومة السورية ووفد المعارضة حول الدستور السوري من جنيف الى دمشق. ولا شك أن هذا التطور إنْ حدث سيكونُ تطوراً كبيراً في مسار الحل في سورية؛ وقد يكون ذلك تمهيدا لإطلاق حوار وطني شامل داخل سورية، يفضي الى حلول واقعية تنهي حقبة كاملة من الحرب وتمثل تنفيذا للقرار الدولي ٢٢٥٤؛ وهو ما يرتب رفع الحصار عن سورية وإعادة الاعمار؛ وفي هذا الجانب من التطورات تبرز الحاجة الى دور قطر، ونعتقد بأن الدوحة بدأت تستعد للعب هذا الدور، كيف ومتى؟ هذا مرهون بالأيام المقبلة وشكل التوليفة المقترحة. وأوجز خلف أنّالمشهد السوري بات مقبلا على الكثير من التطورات والأحداث وعلى مسارات متعددة وليس فقط المسار التركي السوري وما علينا إلا الانتظار لتكون الصورة أكثر وضوحاً.

وكتب حماد صبح في رأي اليوم، تحت عنوان: التقرب التركي من سورية بشير انتصار كبير لها، قائلاً: تعددت الأخبار حول تقارب تركي نشط من سورية… واللافت للاهتمام والإعجاب أن القيادة السورية تستقبل التقارب التركي برصانة وهدوء وثقة من آمن دائما بأنه محق وأن خصومه مبطلون، وأنهم عائدون إليه حتما… ولنا أن نقول بثقة ويقين إن التقارب التركي من سورية انتصار لها، وفيما يلي بعض حوافز الثقة واليقين:

أولا، لن تكون تركيا بعد هذا التقارب مصدرا لأي نشاط ضد سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، وقد كانت ذلك المصدر مدى سنوات المحنة السورية الإحدى عشرة.

ثانيا، سيؤدي هذا التقارب إلى الانسحاب التركي العسكري من شمال غربي سورية، وفي هذا توسيع لسيادة الدولة السورية على أراضيها وشعبها.

ثالثا، استقرار الأحوال في سورية بعد هذا التقارب سيحث السوريين المشردين في تركيا وفي لبنان والأردن ودول أخرى كثيرة على العودة إلى بلادهم لتبدأ التشافي والانبعاث من جديد بعد الحرب الكونية التي كادت تقضي عليها، والشعب السوري شعب حيوي نشيط لن يعجز عن إنجاز ذلك التشافي والانبعاث.

رابعا، ستنفتح السبل للنظر في إصلاح سياسي يرضي فئات الشعب السوري المختلفة، وستكون الحرب ومآسيها وتجاربها معينا في هذا الإصلاح، والشعوب الذكية الحكيمة تتعلم من التجارب المأساوية أكثر مما تعلم من التجارب السارة، والشعب السوري شعب ذكي، ووعيه السياسي قليل الشبيه.

خامسا، سيوازن هذا التقارب علاقة إسرائيل بتركيا المندفعة في التحسن والتوسع، وسيحد من الاندفاع فيها، وفي الحد الأقل لن تتعاون الدولتان ضدها مثلما حدث قبلا، والمؤكد أن إسرائيل فزعة قلقة من التقارب التركي من سورية؛

سادسا، سينشط التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين ما يحسن مستوى المعيشة في سورية، ويشجع مواطنيها المشردين على العودة إليها، وسيكون سهلا على سورية استيراد البضائع التي كانت تلاقي مشقة في استيرادها في أجواء الحرب وتوترات الحدود مع تركيا.

سابعا، سيمنح التقارب سورية يداً طليقة نسبياً لردع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضيها، وللتخلص من الاحتلال الأميركي المتطفل السراق لنفطها، ويضعف القوى الكردية المتعاملة معه ضد وحدة التراب السوري، فتعود إلى حضن الوطن الأم؛

وأوجز الكاتب، بالقول: سورية العظيمة تنتصر على كل أعدائها، والتقارب التركي منها هو أظهر علامات هذا الانتصار والسبيل إليه، وربما تسارع الجامعة العربية إلى اللحاق بموكب الانتصار السوري، فتلغي تجميد عضوية سورية فيها لتحضر مؤتمر القمة المقبل في الجزائر في مطلع تشرين الثاني، وإن تكن كل الجامعة وقمتها لا قيمة لهما، ولن تهبا الانتصار السوري تألقا وتأثيرا، ونقصهما لن يغمر نفوس السوريين هما وتحسيرا.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *