من يضبط التشوهات السعرية في السوق السورية!؟
خاص شبكة غلوبال الاعلامية – بقلم: سامي عيسى
المكان ليس بعيداً، والجغرافية التي تحتوي الافعال هي قريبة جداً منا، وتحتوينا بكل أفعالنا على اختلاف السلوك، أفراد كنا أم مؤسسات، وحالاتها الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الخدمية منها، و التي تفرض ايقاعاً خاصاً بمفرداتها على الواقع، وخاصة الأسواق المحلية وما يحدث فيها من تجاذبات تتماشى مع الحالة الاقتصادية العامة من جهة، وحالة الوفرة في المواد والسلع التي تلبي حاجة المواطنين من جهة أخرى..!
وهذه بدورها تفرض معادلات متبدلة في السوق على المستوى السعري للمواد، التي لم تستقر أسعارها منذ أن بدأت الحرب الكونية على سورية، وزاد في ذلك الحصار الاقتصادي الذي شكل حالة ضغط مستمرة، لم تقف الأسعار فيها عند حد معين، ولا حتى التلاعب فيها من قبل المتاجرين فيها من ضعاف النفوس من التجار، ومن يساعدهم من أهل الخبرة والدراية في بعض مفاصل العمل الحكومي!
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تحاول قدر المستطاع التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار والسيطرة عليها، تارة من خلال التدخل المباشر، وتارة أخرى من خلال الجهاز الرقابي، والوصول إلى إحداث مرصد تأشيري لمراقبة الأسعار وحركتها في الانخفاض والصعود شكل حالة إيجابية لكن الى أي حد، أسعار السوق تحدد ذلك؟
وهنا يبرز دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والذي لا يقتصر فقط على النشاط الرقابي وضبط حركة الأسعار، وانسياب السلع وتوافرها بالشكل الطبيعي ومعالجة اعتداءات السوق من قبل ضعاف النفوس من التجار فحسب، بل تجاوز ذلك في معرفة الأثار السلبية والايجابية لتداعيات السوق، من خلال قانون السوق الذي يحكم طرفي المعادلة في التطبيق (العرض والطلب) وانعكاس ذلك على توافر السلع من جهة، وارتفاع أسعارها من جهة أخرى، سواء من ناحية السلب أم الإيجاب، لذلك تم إحداث مرصد تأشيري للأسعار بالتنسيق مع الجهات المعنية بغرض الوصول إلى رسم سياسة عامة للأسعار، ودراسة انعكاس سعر الصرف ومعالجة التشوهات السعرية، والمحافظة على توازن الاسواق (العرض والطلب) والتدخل الايجابي عند الاختناقات، للوصول إلى بيئة تضمن المنافسة العادلة وحماية المستهلك، من الاعتداءات المتكررة من قبل ضعاف النفوس من التجار وبعض المراقبين أيضاً الذين يتعاملون معهم بصورة غير مشروعة، ويكاد لا يمر يوم إلا ويتم ضبط هكذا حالات في معظم المحافظات..!؟
لكن إذا افترضنا جدلاً تحقيق هذه الايجابية التي يطلبها الجميع، أي كافة أقطاب العملية التسويقية والإنتاجية، ومراعاة فعل قانون السوق، فهل نستيطع تأكيد هذه الايجابية في ظل لا أسعار مستقرة، ومواد متوافرة مع قلتها تتمتع بأسعار خيالية تغير جلدها على مدار الساعة الواحدة!
وبالتالي إحداث المرصد التأشيري للوزارة ايجابيته حتى تاريخه، لم تعكس الواقع الفعلي للأسعار بالصورة المطلوبة، ولم يعالج تشوهاتها، رغم ما تصبوا إليه من تحقيق مؤشرات ايجابية ووضع الحلول لتأمين المطلوب وتوفير السلع، وتخفيض أسعارها وإحداث تأثيرات يشعر بها المستهلك، وهذا التأثير حصل بالفعل، لكن ليس لجهة الانخفاض، وإنما لجهة الارتفاع وفق تأكيدات الوزارة ومرصدها التأشيري والتي تشير الى ارتفاع المواد الى مستويات مرتفعة بدليل مادة السكر ارتفعت بنسبة 40% خلال الاشهر القليلة الماضية، وهذا ينطبق على المواد الأخرى كالزيوت بنسبة 30%، والمتة 35% ومادة اللحوم تتراوح ما بين 25- 35% على اختلاف النوع، والسمون النباتية والرز وغيرها من السلع الاساسية والضرورية لمعيشة المواطن اليومية، والتي زادت في أسعارها أضعاف ما كانت عليه خلال العام الماضي، والنسب التي تم ذكرها سابقاً هي للفترة القريبة الماضية، وبالتالي كل المؤشرات الصادرة عن الأسواق، و حتى المسؤولين لا تبشر بمعدلات ايجابية في الأسعار، وحتى مؤشرات المرصد غير مستقرة، الأمر الذي يؤكد الضبابية المطلقة، وعدم قدرة وزارة التجارة الداخلية ومرصدها التأشيري في معالجة التشوهات السعرية التي نعاني منها جميعا، ونتحمل نحن كمواطنين تبعات ذلك وندفع ثمن فشل كل الجهات في ضبط الأسواق ومعالجة تشوهاتها، بل سنشهد المزيد منها خلال الايام القادمة، وبالتالي كل مواطن لسان حاله يسأل من المسؤول عن هذا الواقع المتردي في الأسواق وهل التجارة الداخلية من خلال مرصدها قادرة على المعالجة..!؟
باختصار شديد، الأيام بيننا وهي الحكم!!
طريقك الصحيح نحو الحقيقة