بحسهم الساخر… السوريون يواجهون صفعة رفع سعر البنزين المؤلمة ويتساءلون: ألم يحن وقت زيادة الرواتب؟ّ!
خاص شبكة غلوبال الإعلامية – بقلم: رحاب الإبراهيم
على مبدأ “شر البلية ما ضحك”.. استقبل السوريون قرار رفع سعر البنزين المفاجئ، بسخرية عارمة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، أما واقع الحال كان تراجيدي بالمطلق، مواطنون ينتظرون على الطرقات..غلاء أجور التكاسي…ارتفاع جديد في الأسعار، وهذه منعكسات متوقعة لا تخفى على أصحاب القرار، لكنهم يفضلون المعالجات “الهينة” وقرارات “الجباية”، وسط تغافل غير “محمود” لواقع معيشي واقتصادي ضاغط لا يقدر راتب هزيل على مقاومته، فاليوم لم يعد يكف لشراء “تنكة” بنزين بالسعر المدعوم، فكيف يمكن للعائلات تدبر شؤونها بعد زيادة تكاليف المعيشة جراء القرار الصادر بينما يراوح “الروتيب” مشفوط الدسم مكانه كونه المكلفين بحماية معيشتنا “يطنشون” هذه الجزئية لصالح رفع الأسعار دوماً لثقتهم الزائدة على ما يبدو بقدرة المواطن “السوبر مان” على ترتيب أموره.
طريقة تعاطي السوريين الساخر مع قرار جديد يزيد طين معيشتهم بلة، لا بد أن يكون موضع دراسة واهتمام وليس اطمئنان بحيث يحسب المسؤولين ألف حساب لاتخاذ أي قرار على نفس “الشاكلة”، فردة الفعل هذه تدل على حنق واضح على إدارات عاجزة تصر على إتباع العقلية ذاتها في معالجة الأزمات المتكررة وتفضل اتخاذ قرارات تجميع الأموال من جيوب المواطنين، المنتظرين تعويضهم بعد صبر طويل عن سنوات “الشنططة” والركض وراء لقمة العيش والوقوف في طوابير الأزمات والخدمات المتردية، وهذا متاح في ظل وجود بدائل أكثر جدوى على المدى القصير والطويل كدعم الانتاج الزراعي والصناعي، حيث يمكن توجيه مليارات الليرات المحصلة من هنا وهناك صوب دعم الفلاحين والصناعيين المنتجين بغية إنتاج سلع محلية وتصدير كميات منها لتوفير قطع أجنبي للخزينة، ما يضمن ضرب عصفورين بحجر واحد عبر تخفيف فاتورة المستوردات وزراعة وتصنيع سلع تقوي اقتصادنا ذاتياً، الأمر الذي يمنع إصدار هكذا قرارات تحت ستار دعم الخزينة، التي ترفد حسب ما تفصح عنه تصريحات المعنيين بضرائب وإيرادات ذات مبالغ مهولة، فأين تذهب هذه الأموال، التي لم نرى أياً من ثمارها على تحسين المعيشة والخدمات المتردية.
رفع سعر البنزين للمرة الثالثة هذا العام بعد اتخاذ الحكومة قرارها برفع الدعم في أصعب مرحلة تعيشها البلاد، سيحدث أزمة معيشية جديدة بالتزامن مع اقتراب موسم المدارس والمونة، حيث سترتفع تكاليف المعيشة إلى ما فوق المليون ليرة بينما الراتب لا يتعدى سقفه 150 ألفاً، وهذا يضعنا أمام مأزق اجتماعي واقتصادي قد لا يحمد عقباه بالنظر إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، فهل أخذ صناع القرار هذه التأثيرات المخيفة نصب أعينهم أم المهم تحصيل الأموال والسلام، وهل ستكون الجهات المعنية المكلفة بضبط السوق قادرة على ضبط مستويات الغلاء الجديدة والتضخم بعد فشلها في هذا الاختبار مرات عديدة، والأهم ألم يحن الوقت لاتخاذ قراراً يصب في مصلحة المواطن عبر رفع الأجور بنسب مقبولة تتخطى سقف 300 ألف، كون المبالغ المتحققة من وفر الدعم كفيلة بتغطية كتلة الرواتب والأجور، لكن صناع القرار يفضلون التريث في ظل تعميم ثقافة “دبر رأسك” واعتمادهم على قوة تحمله، متجاهلين حقيقة الواقع المعيشي الصعب وعدم مقدرته على تأمين احتياجاته بالحد الأدنى حتى مع سياسة شد أحزمة البطون.
التأخير في اتخاذ قرار زيادة الرواتب سيكون له منعكس خطير لن يُقدر على تلافي تداعياته حتى لو غلفه السوريين بحسهم الفكاهي الساخر، المشهورين فيه بأصعب الأزمات، فهل سنشهد استجابة لهذا المطلب الجماعي أم أن المسؤولين مصرين على الانفصال عن هموم المواطنين والبقاء خلف مكاتبهم المكيفة وحضور المؤتمرات والقيام بجولات كل حين ومين، مكلفين الخزينة ملايين الليرات كان الأجدى صرفها لتحسين معيشة المواطن أو دعم الفلاح والصناعي، فالتوصيات تذهب غالباً هباءً منثوراً كالأموال الناتجة عن قرارات رفع أسعار المواد المدعومة بفعل سوء الإدارة وسطوة الفاسدين، لتكن النتيجة مباغتنا بقرار صادم بأي لحظة لكن نأمل هذه المرة أن يكون ساراً بزيادة رواتب تسر الجيوب والخواطر المكسورة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة