رواتب وأجور ومعيشة صفر..!
خاص غلوبال – سامي عيسى
تحسين معيشة المواطن السوري، حديث الجميع حكومة ومواطنين، وهيئات مجتمعية واقتصادية وغيرها كثير، ممن يرون الواقع الصعب الذي تعيشه الأسرة السورية على اختلاف وتنوع مستويات الدخل فيها، فالغالبية أصبحت تحت ضغط الحاجة، وعدم الكفاية لتحقيق أدنى حياة أقل ما نسميها “كريمة” أو حياة سد “الرمق”.
وما وصلنا إليه نحن كمواطنين من مستوى معيشي، لم يكن بمحض الصدفة، أو مرده لأسباب هي خارجة عن إرادة المعقول، أو مرتبطة بظروف خارجة عن إرادة البشر، بل كان بتفكير وتدبير من جهات خارجية وداخلية، لم يعجبها ما وصل إليه الشعب السوري ودولته من مستويات متقدمة في الازدهار والحضارة والحالة الاقتصادية الجيدة، فكانت الحرب الكونية والتي مازالت مستمرة منذ العام 2011، وحالة التخطيط لها قبل سنوات البدء، مروراً بسرقة الموارد الطبيعية والثروات النفطية في مقدمتها النفط والقمح، والتدمير الممنهج للبنية الاقتصادية، وصولاً الى سياسة التجويع للشعب والتي توجت بالحصار الاقتصادي والعقوبات الاقتصادية وفرض قوانين الحظر التي شلت الحركة التجارية والاستثمارية من وإلى سورية، والأخطر الجهات الداخلية والتي يقودها الفساد وأهله الذي مازال يفعل فعله في جسم الدولة، يجهز على ما تبق من موارد تساعد على التخفيف من أعباء المعيشة على المواطن، رغم سعي الحكومات المتعاقبة لمعالجته، لكن شراسته تزيد وتشكل خطورة مستمرة للجميع..!.
وبعد كل ذلك، وما ذكرنا من أسباب تدني مستوى المعيشة وتراجع مستويات الدخل إلى مادون الصفر، فأي زيادة مهما علا شأنها وارتفعت قيمتها، تكفي لحد الكفاف لأن المطلوب “جمل والمتوافر..!” وبالتالي الزيادة القادمة حسب بعض التصريحات والتسريبات من هنا وهناك، هل تشكل ضعفي الراتب الحالي، أم أكثر مهما كانت نسبتها وقيمتها تبقى بالحدود الدنيا من المطلوب، لأن الأسعار تضاعفت ألف ضعف منذ بداية الأزمة وحتى تاريخه، فكل يوم فيها زيادة، وهي في حالة ارتفاع على مدار الساعة، مقابل ثبات الأجور وتآكل قيمتها..!.
هذه معادلة مفروضة على أسواقنا أطراف كثيرة تشترك فيها، تجار سوق، أهل الفساد ومرتزقة الأزمة، سرقة الموارد من قبل الاحتلالين الأمريكي والتركي، عقوبات وحصار خانق مازالا يطالان كل مفاصل الحياة اليومية للمواطن، والأخطر الروتين والإجراءات التي يختبئ خلفها الكثير من أهل الفساد، وأدواتهم التخريبية وغير ذلك الكثير من الأسباب التي تؤثر على معيشة المواطن، وتمنع الدولة السورية من مجاراة ما يحدث في الأسواق والوصول بمستويات الدخل إلى المطلوب، وبالتالي كل ما حصل ويحصل الآن، وسيحصل لاحقاً لتحسين الدخل فهو دون المطلوب للعيش بصورة أفضل، تحفظ ماء الوجه لأن معظم مقومات ذلك شبه مفقودة، وبالتالي الحديث عن زيادة الرواتب والأجور وتعديلها مطلب محق ولابد منه، وأن يكون تعديلاً مجزياً هو غاية ما نتمناه، لتغطية نفقات المعيشة التي تتسابق مع الأسعار بصورة غير عادلة، وبعيدة كل البعد عن أرض الواقع، بدليل سقف دخل الفئة الأولى من الأجر 150 ألف ليرة في الشهر، وثمن صحن البيض إلى الأمس القريب 35 ألف ليرة، حساب بسيط لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص تستهلك صحناً واحداً في الأسبوع، وعلى مدار الشهر أربعة صحون قيمتها 140 ألف ليرة، هذا إن بقي سعره على حاله الآن..!.
هذا حساب مادة واحدة دون أن نذكر الخبز والملح والسكر والزيت والرز والبرغل والخضر والفواكه إن كان لها نصيب، من هنا نحسب قيمة الزيادة المراد منها تحسين مستويات الدخول للمواطنين على اختلاف المستويات والشرائح، وبالتالي الأسرة السورية تحتاج للعيش بحد الكفاف إلى 100 ألف ليرة في اليوم لتغطية النفقات الأساسية فقط وليس للترفيه، والدخل اليومي لا يزيد وفق الراتب المذكور خمسة آلاف ليرة وهنا المعجزة…؟!.
وبالتالي أي زيادة لاتلامس سقف ثلاثة ملايين ليرة فهي عاجزة عن تحسين المستوى، وهذا الأمر ممكن تحقيقه، شرط عودة موارد الدولة إلى حضنها من ثروات نفطية ومواسم استراتيجية، والتي يسرقها الأمريكان والأتراك والعصابات الإرهابية المدعومة منهما، والشرط الآخر الذي لا يقل أهمية عن السابق القضاء على الفساد وتجار الأزمة الذين أجهزوا ومازالوا مستمرين في سرقة ما تبقى من موارد هي من حق الدولة والمواطن، بهذه الصورة يمكن أن نشهد دخلاً معقولاً، ومعيشة أفضل تتناسب مع طموح كل مواطن..!.
فهل تكون الزيادة القادمة بهذا الحجم، أم تأتي مخيبة للآمال مع التبرير لظروف البلد والإمكانات المتوافرة..؟!.
الأيام القليلة القادمة تحسم أصل الحكاية وتفرض حالة التفاؤل أم خيبة الأمل..!
ونحن نأمل حالة التفاؤل..
طريقك الصحيح نحو الحقيقة