أجور حصاد كل هكتار من القمح نحو مليوني ليرة… خبير تنموي لـ«غلوبال»: يجب إعادة النظر بسياسة التسعير
خاص دمشق – بشرى كوسا
خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمر الأزمة في سورية، ارتفعت تكاليف الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وأصبح من الصعب على الفلاحين تغطية مستلزمات العملية الإنتاجية التي تصل لعشرات ملايين الليرات، وأصبح تأمين مياه الري بشكل مستمر أمراً صعباً بسبب انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المحروقات، وحتى حين لجأ الفلاحون لاستخدام المولدات كهربائية، واجهوا تحدياً من نوع غير متوقع، وهو السرقات للمولدات والدراجات النارية التي تخدم العملية الزراعية، دون وجود أي تعويض عن الخسارة بسبب غياب التأمين الزراعي.
ومع بداية موسم حصاد القمح، في بداية شهر حزيران المقبل، يستعد المزارعون لحصاد المحصول وسط صعوبات تتعلق بارتفاع التكاليف، ووسطياً تبلغ تكلفة حصاد الدونم نحو 200 ألف ليرة، أي أن تكلفة حصاد الهكتار مليوني ليرة.
وبالتحليل الاقتصادي، يقول الخبير التنموي أكرم عفيف: كان الإنتاج الوسطي للدونم 300 كيلوغرام من القمح، وبالتالي فإن كل دونم قمح يكلف لتجهيزه للزراعة 250 ألف ليرة، ويحتاج إلى بذار بـ150 ألف ليرة، وكلفة ضمان الدونم هذا العام 2024 في منطقة الغاب بريف حماة نحو مليون ليرة، فيصبح المجموع مليوناً و400 ألف ليرة، ناهيك عن تكاليف السماد، وكل دونم من القمح يحتاج إلى نحو مليون ليرة (سماد آزوتي وورقي ومنشطات)، وإلى 200 ألف ليرة كلفة مبيدات أخرى مع أجور الرش، نضيف إليها 200 ألف أجور حصاد، لنصل إلى رقم إجمالي لتكلفة زراعة دونم قمح وهي مليونان و800 ألف ليرة، وكتقدير وسطي مليونان و500 ألف ليرة، وبالتالي فالعملية الزراعية خاسرة، لأن كل دونم يجب أن ينتج 600 كيلو غرام قمح لتغطية تكاليف الإنتاج فقط.
وأضاف عفيف في تصريح لـ«غلوبال» أن الأمر لا يقتصر على محصول القمح الاستراتيجي، فالأرقام الحسابية هذه تنطبق على محاصيل استراتيجية أخرى، كالقطن والشوندر السكري، وبالتالي لن يتمكن المزارع من تحقيق أي ربح إضافي ولا حتى استرداد تكاليف الزراعة، وبالتالي لابد من إعادة النظر بسياسة التسعير.
وربما تكون أكبر المخاطر التي تواجه الإنتاج الزراعي، هي أن التسعيرة المحددة من قبل الحكومة لن تشجع المزارع على الاستمرار في الزراعة، وأدت إلى خسارات متتالية نتج عنها عزوف عن زراعة القمح.
والأمر لايقتصر على التسعيرة، إذ أكد عدد من الفلاحين عدم وجود مصدر تمويلي لتأمين تكاليف المحروقات وأجور الحراثة والبذار والأسمدة والمبيدات الحشرية وأجور العمال التي أصبحت مرتفعة ولا يمكن أن يعوضها السعر المحدد لشراء كيلو القمح.
تجدر الإشارة إلى أن تكاليف الإنتاج الزراعي زادت على نحو هائل، مع رفع الحكومة، سعر طن سماد اليوريا إلى ثمانية ملايين ليرة سورية للموسم الزراعي الحالي، بدلاً من ثلاثة ملايين ليرة العام الماضي، وسعّرت طن «السوبر فوسفات» بستة ملايين ليرة، بدلاً من مليونين، وطن سماد «كالينترو» إلى خمسة ملايين بدلاً من 1.65 مليون ليرة، بالمقابل حددت سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي بـ 5500 ليرة سورية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة