“أستانة”… آمال ومؤشرات إيجابية
خاص غلوبال – محي للدين المحمد
تستضيف العاصمة الكازاخية الاثنين، أحد أهم الاجتماعات التي يتم عقدها لبحث الأزمة السورية في إطار مسار “أستنة”، وخاصة أن الاجتماع الذي تشارك فيه جميع الدول ذات العلاقة بالملف السوري “روسيا وإيران وتركيا”، مع وفود تمثل الحكومة السورية والمعارضة “الداخلية والخارجية”، وممثلين عن الأمم المتحدة وبعض دول الجوار.
ويعقد الاجتماع في ظروف استثنائية عبر لقاءات ثنائية يتلوها اجتماع عام، فعقد المؤتمر الصحفي.
ويمكننا القول: إن هذا المسار قد حقق في دوراته السابقة دوراً مهماً في خفض التصعيد، وفي الاتفاق على قواسم مشتركة يمكن الاستناد إليها، وخاصة في التأكيد على وحدة وسيادة الأراضي السورية ومحاربة الإرهاب وانسحاب القوات الأجنبية وعدم التدخل بالشأن السوري.
كما يمكن القول: إن تركيا كانت إيجابية من الناحية النظرية، وهي تعتبر اللاعب الأهم في تعقيد أو تسهيل الحل السياسي لأنها الداعم الأساسي لما يسمى بالمعارضة المسلحة بما في ذلك المجموعات التي تصنف إرهابية.
وعلى الرغم من مواقف تركيا الإيجابية وتوقيعها على البيانات الختامية وتقديم التزامات كثيرة على طريق تفعيل الحلول السياسية، إلا أنها لم تنفّذ العديد من التزاماتها التي قطعتها على نفسها في “أستنة” و”سوتشي”.
إن الاجتماع يأتي بعد عام ونيف من التصعيد العدواني الخطير الذي تمارسه “إسرائيل” وتهدد نيرانه جميع دول المنطقة، ما ولّد شعوراً لدى تركيا بأنها ليست بعيدة عن الأطماع الإسرائيلية، وفي ضوء العديد من التصريحات التركية التي أشارت إلى رغبتها التطبيع مع دمشق والانسحاب من الأراضي السورية، ونية الرئيس التركي التواصل مع الرئيس الأمريكي المنتخب للبحث في ضرورة انسحاب القوات الأمريكية من سورية، ووقف دعم واشنطن للكيان الانفصالي الكردي باعتباره يهدّد أمن سورية وتركيا في آن، بل سيطلب من ترامب وقف توريد الأسلحة لـ”إسرائيل” (رغم صعوبة تحقيق هذا الطلب).
فيما يبدو الاتفاق على سحب القوات الأمريكية ممكناً لأنه يتقاطع مع رغبة الرئيس الأمريكي ترامب بألا تبقى القوات الأمريكية تحت خطر نشوب أي صراع عسكري في المنطقة، حيث كان من المفترض أن يسحب تلك القوات في فترته الرئاسية السابقة، ويبدو أنه عازم على تنفيذ ذلك بعد وصوله إلى البيت الأبيض وفق ما قاله روبرت ف كينيدي جونيور، المقرّب من الإدارة الجمهورية، والذي أكد مخاوف ترامب على جنوده في حال نشوب أي نزاع بين تركيا والأكراد، أو بين سورية وتركيا.
والحال فإن الأجواء المحيطة بمسار “أستنة” تشجّع على توقّع اتفاقات مهمة بشأن الكثير من القضايا المتعلقة بالمعابر والطرق الدولية وإعادة اللاجئين وتليين مواقف المعارضة الخارجية، ذلك لأن الموقف التركي لم يعد كالسابق، وما تسرب عن مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب حول سحب القوات لم يعد مساعداً على تعنتهم .
وربما تتوضح خطوات إضافية على طريق تطبيع العلاقات السورية – التركية، وقد تكون عودة الرحلات الجوية بين دمشق وتركيا التي تم الإعلان عنها، وبوشر بتنفيذها أحد المؤشرات الإيجابية التي تضاف إلى فتح بعض المعابر بين البلدين رغم العرقلة التي يمارسها مسلحو “المعارضة”.
ولا ننسى الدور الفعّال للوساطة “الروسية- الإيرانية – العراقية” لتطبيع العلاقات بين أنقرة – ودمشق، والانطلاق من مصالح دول الإقليم والتحرر من الإملاءات الأمريكية، في جعل هذه الدورة لـ”أستنة” الأكثر أهمية في التوصل إلى تفاهمات عملية تسهم في وضع الحل السياسي على السكة الصحيحة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة