أسعار الدخان تتلف القلب والشريان
خاص غلوبال – زهير المحمد
بعد موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الإقتصادية بشأن أسعار شراء محصول الدخان من المزارعين للموسم القادم، يتساءل المدخنون قبل أن يتساءل المزارعون هل الأسعار المعلن عنها تغطي تكاليف الإنتاج وهل تقترب من أسعار السوق السوداء للدخان العربي الذي يتم بيعه تهريباً؟.
لقد تم تحديد الأسعار ابتداء من أربع وعشرين ألف ليرة وصولاً إلى اثنين وثلاثين ألفاً للكيلو غرام، مع التفصيل بكل أنواع وأصناف الدخان والتنباك التي يتم إنتاجها محلياً، بينما يباع الدخان العربي ولأسوأ الأنواع في الأسواق ابتداء من المئة ألف، وقد يصل أسعار بعض الأنواع التي يرغبها المدخنون “الخريمة” إلى مئتين وخمسين ألفاً، ثم إذا كانت مؤسسة التبغ تستلم المحصول بهذه الأسعار المتدنية فلماذا إذا تم رفع أسعار كل أنواع الدخان الوطني.
الواقع أن هناك فرقاً كبيراً بين سعر الدخان الجاهز للاستهلاك ومصنع في معامل التبغ ومزود بفلتر بالطولين العادي والفاخر، وبين أسعار الدخان اللف الذي يباع تهريباً في الأسواق.
لا أعرف بالضبط كم كروز دخان يمكن أن نصنعه من كيلو الدخان الواحد، لكن بكل تأكيد قد يتجاوز سعر الكيلو الجاهز للاستهلاك من الدخان الوطني النصف مليون ليرة سورية، وهذا الفرق في السعر بات يشجع بعض زارعي الدخان على بيع منتجهم في أسواق التهريب حيث لاينخفض سعر الكيلو عن ثلاثة أضعاف، السعر الذي يمكن أن يتقاضاه من مؤسسة التبغ.
نحن نعلم أن هذا السعر الذي تم تحديده لشراء محصول التبغ القادم هو سعر تأشيري يمكن أن يرتفع في بداية الموسم القادم، لكن ذلك يحتاج إلى وضع سعر ينصف المزارعين ويقنعهم بتسليم الكمية الأكبر من إنتاجهم إلى مؤسسة التبغ.
مع التأكيد على أن الدخان المنتج ومنذ قديم الزمان لايسلم بالكامل إلى الجهات العامة، وأن قسماً مهماً منه يتم فرمه وتجهيزه بالطرق البدائية وطرحه للبيع مع كل مايرافق ذلك من مخاطر تتعلق بالغرامات المتعلقة بالمتاجرة والتهريب بهذه المادة، التي تعتبر حيوية بالنسبة لعدد كبير من مزارعي التبغ في مناطق من المحافظات الساحلية، حيث محدودية المساحة وصعوبة الزراعة في المدرجات الجبلية ومايتطلبه ذلك من جهود كبيرة ومن مبالغ مالية متزايدة يتطلبها الدخان في جميع مراحل الإنتاج، أضف إلى المخاطر المناخية التي تهدد مساحات واسعة من الأراضي المخصصة لزراعة التبغ وقد تتعرض للتلف بشكل كامل بسبب الظروف المناخية.
ولهذا كله فإن مزارعي التبغ يأملون أن تشهد أسعار محصولهم ارتفاعاً ينصفهم، كما يأمل المدخنون الذين يتحدون المخاطر وتحذيرات الجهات الصحية من أخطار التدخين أن تسعى الجهات المختصة إلى وقف التصعيد المستمر في أسعار الدخان الوطني، الذي بات الراتب اليومي لايكفي لشراء باكيت دخان واحدة، وبالتالي فالمدخن يتعرض للأخطار الصحية التي تحذر منها الهيئات الطبية، ويتعرض للخسائر المادية الكبيرة التي يهدرها لشراء كمية من المادة معتقداً أنه “إذا دخن على همومه تنجلي” وبات المدخنون أكثر إيماناً بأضرار التدخين وتسببها بأمراض القلب والجلطات، بسبب تأثيرها القاتل على الجيب قبل تأثيرها على القلب والشرايين.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة