أسواق حمص التراثية في طريقها إلى الحياة… الأمانة السورية للتنمية تلبي دعوة المجتمع المحلي، ورئيسها التنفيذي لغلوبال: النجاح مرتبط بتفاعل مختلف فعاليات حمص ورغبة أبناء المدينة

خاص حمص _ إخلاص عباس

ذاكرة المدينة الحية و بصمتها الفريدة وهويتها الأثرية ، المكان الوحيد الذي لا تضجر فيه من أصوات الباعة وثرثرة المارة ولا يضايقك الازدحام و كثرة الناس، بل تعطيك إحساسا بالأمان والراحة وكأنك وحدك من فيها، هي أسواق حمص الأثرية المترامية على أطراف المدينة كأحد علاماتها الفارقة التي كانت لسنين طويلة موطناً للتجارة ومقصدا للزوار والسياح لجمال عمارها الهندسي،وتاريخها الأثري المصنف على لائحة التراث العالمي.

طالتها يد الإرهاب على مدار سنوات الأزمة فخربت منه ما خربت ودمرت بعضه الآخر، في تدمير ممنهج لتاريخ المدينة ولمعقلها التجاري، ما جعل ترميمها وإعادة تأهيلها حاجة ملحة لإعادة الألق إليها.

◾بداية رحلة الترميم مطلع عام 2016 بدأت أعمال ترميم الأسواق القديمة، بالتعاون بين محافظة حمص و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولكن هذه الأعمال توقفت عام 2019، ليبقى جزء ليس بقليل من المحال مهدَّماً أو متضرراً في ظل عودة يمكن اعتبارها خجولة للتجار في الأسواق.

◾الأمانة السورية تلبي رغبة المجتمع المحلي

وفي هذا الاتجاه برزت تجربة الأمانة السورية للتنمية في إحياء الأسواق التراثية في حلب، الأمر الذي دفع لجنة أسواق حمص والمجتمع المحلي فيها، للاستعانة بالأمانة السورية للتنمية بالإستفادة من تجربتها في حلب، لإعادة إحياء الأسواق التراثية في المدينة القديمة بالتشاركية مع محافظة حمص ومختلف المؤسسات والفعاليات الاقتصادية .

الرئيس التنفيذي للأمانة السورية للتنمية شادي الألشي أوضح ل(غلوبال) أن أسواق حمص تعتبر هوية تراثية للمحافظة وفرصة هامة لنهوض سكانها اقتصادياً، ولأن الحفاظ على هذه الهوية التراثية والثقافية هو جزء من أولويات عمل الأمانة السورية للتنمية وإستراتيجيتها، تم إقامة ورشة عمل في حمص لاختيار أحد الأسواق التراثية ليكون نقطة البداية لإعادة تأهيل باقي الأسواق، معتبراً أن نجاح الورشة في تحقيق أهدافها مرتبط بتفاعل مختلف فعاليات حمص ورغبة أبناء المدينة وتمسكهم بالعودة إلى أسواقهم وتراثهم.

◾الإجماع القيسارية والصاغة والمعرض

وأكد شادي الألشي أن الأمانة وبناء على المعلومات والمقترحات والأولويات التي قدمتها لجنة السوق المحلية والمحافظة خلال الورشة، تم التوافق على اختيار ثلاثة أسواق كأحد أولويات العمل وهي : سوق الصاغة كونه صلة الوصل مع باقي الأسواق ولقربه من الأماكن الأثرية، وخان القيسارية باعتباره معلم أثري وسياحي وتاريخي جميل، في حين تم اختيار سوق المعرض أو ما يعرف بسوق العطارين كونه مدخل رئيسي للأسواق التي تحوي مهن تراثية وحرفية،وأردف :”يمكن كمؤسسة البدء بخان القيسارية كمرحلة أولى أو بالأسواق الثلاثة معاً معتمدين على تجربتنا الغنية في محافظة حلب في إنعاش الأسواق وأحيائها وشبكة شركائنا الفاعلين التي تمكننا من تأمين مصادر تمويل متنوعة.

◾الاستفادة من مزايا المرسوم 13

العمل على ترميم الأسواق سيتم بالاستفادة من مرسوم السيد الرئيس رقم /13/ لعام 2022 الذي منح ميزات كبيرة وتسهيلات وإعفاءات غير مسبوقة بقطاع الضرائب والقضايا المالية والتي من شأنها تشجيع التجار على العودة الى محالهم وتنشيط الحركة الاقتصادية.

◾أبرز الصعوبات

ولعل من أهم الصعوبات التي تواجه العمل هو أن قسم كبير من مالكي المحال خارج البلاد نتيجة الحرب، وهو ما أكدته المهندسة ريم بعلبكي مدير التخطيط الإقليمي ودعم القرار في المحافظة، ل(غلوبال)، وأشارت إلى أن الملكية مصانة بالدستور وبالتالي هناك مساع لإيجاد صيغة قانونية لتفعيل هذه المحلات بالتنسيق مع المجتمع الأهلي وغرفة تجارة حمص، موضحة أن حوالي 40% من المحال هي ملكية مديرية الأوقاف، وقسم أخر مستأجر أو فروغ أو خاص، ولفتت إلى أنه سيتم البدء بالعمل مع الأمانة السورية للتنمية لإعادة إحياء الأسواق التراثية وتشجيع عودة التجار إليها.

وفي انتظار البدء بأعمال الترميم يتطلع الحماصنة إلى رؤية أسواق مدينتهم التي عرفت على مدار سنوات طويلة ب(أم الفقراء)، تضج بالحياة والصخب من جديد .

طريقك الصحيح نحو الحقيقة