أمريكا…إدمان في القتل وفشل في البناء
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
ماذا يعني أن يتحطم الرصيف العائم الذي أقامته أمريكا على شواطئ غزة، وهل من المعقول ألا يصمد جسر أمريكي أمام الرياح، وكيف لنا أن نرى الكأس من اتجاهاته المتعدّدة؟..
هذه الأسئلة وغيرها الكثير التي لا يمكن الإجابة عنها إلا وفق نظرية المؤامرة التي أتقنتها واشنطن عبر تاريخها الاستعماري الطويل، والذي اتسم بالغطرسة وفرض التبعية ونهب خيرات الشعوب، دون أن تكلف نفسها إقامة مشروع تنموي واحد، بل على العكس كانت وتحت أية ذريعة تقوم بقصف المنشآت الحيوية وتهدم الجسور وتخرب الموانىء والمطارات.
والأمثلة كثيرة، لعل من أهمها ما فعلته في سورية عندما قصفت العديد من الجسور على نهر الفرات لتفصل شرق النهر عن غربه، ولتعيق تقدم القوات السورية في مواصلة تحريرها لريف دير الزور الشرقي، وحتى الجسر المعلق تم تدميره من قبل الإرهابيين الذين وظفتهم أمريكا لإضعاف الدولة الوطنية السورية.
وبالتالي فقد حرصت واشنطن على أن يكون الميناء العائم على شواطئ غزة سريع العطب ويمكن تفكيكه ونقله إذا لم تستطع “إسرائيل” فرض الاستسلام على شعب غزة بعد أن تجني ردود فعل إيجابية تجاه مبادرتها “الإنسانية ظاهرياً” من خلال تسهيل نقل المساعدات الإنسانية لشعب يتم قتله وتدمير مساكنه ومنشآته الحيوية بالصواريخ الأمريكية التي لم يتوقف إرسالها على مدى الأشهر السبعة الدموية الماضية.
لكن الغريب في الأمر هذا التزامن بين تحطم الميناء الأمريكي الهش، وصدور تصريحات مخزية من البيت الأبيض تقول، إن “إسرائيل” لم تتجاوز خطوط واشنطن الحمراء في قصفها لأحياء رفح، وكأن مناظر الدماء التي تناثرت أمام الفضائيات بعد القصف الإسرائيلي المتعمد لخيام النازحين، وفي منطقة وصفتها “إسرائيل” بـ”الآمنة” لم تتطابق مع خطوط واشنطن الهشة كمينائها العائم المتهالك.
بالتوازي، استقالت مسؤولة في الخارجية الأمريكية احتجاجاً على تقارير خارجيتها التي تقول: إن “إسرائيل” لا تعيق دخول المساعدات، وكذلك تصريحات البيت الأبيض بأن “إسرائيل” لم تتجاوز خطوط واشنطن الحمراء في عملياتها برفح.
ربما كانت واشنطن تعتقد أن وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق ومن ثم تفكيك الميناء سيسبق عوامل الطبيعة التي كشفت معدنها الرخيص، وتاريخها الأسود في ممارسة القتل ودعم حروب الإبادة، وفشلها المتعمد في إقامة مشاريع تنموية.
إن القضية لا تتعلق بثلث مليار دولار وهدر لجهود مئات العمال الذين ساهموا بإنشائه ولا بتبخر أحلام آلاف الغزاويين بوصول مساعدات إغاثية تقلل عدد الذين يموتون جوعاً، وإنما تتعلق بدولة عظمى تدّعي أنها تتزعم العالم وترعى الديمقراطية وحقوق الإنسان، في وقت تفعل كل ما يناقض ذلك، بل تجرّ البشرية إلى الجوع والفوضى والخراب.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة