أوروبا تتسول لإغاثة ضحاياها من السوريين
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
تقرير صادم قدمته منظمة الزراعة والتغذية (الفاو) لاجتماع الاتحاد الأوروبي الذي انعقد في بروكسل يومي الرابع عشر والخامس عشر من شهر حزيران الحالي عن وضع السوريين حيث تحدث التقرير عن 12 مليون سوري كانوا يحتاجون للمساعدات الإغاثية قبل زلزال شباط و أصبحوا 15مليوناً بعد الزلزال، وأن خمسة ملايين ونصف المليون منهم لايستطيعون تأمين ما يساعدهم لاستمرار من هم على قيد الحياة لأسبوع واحد، ومع ذلك فقد تم استبعاد مليوني إنسان منهم من الخطة الإغاثية نتيجة قلة التمويل والذي لن يكفي لأكثر من أربعة أشهر.
هذا الوضع الإنساني الخطر وتأمين التمويل اللازم من الدول المانحة تصدر جدول الاجتماع الأوروبي وقد صرح الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي (لويس ميجل بونيو) بأن دول الاتحاد قدمت للاجئين السوريين والدول المضيفة وبعض دول المنطقة حوالى ثلاثين مليار دولار خلال السنوات ال13 السنة الماضية، وأن الاتحاد ماض في تأمين التمويل اللازم لتقديم المواد الإغاثية للسوريين الأكثر فقراً خارج سورية وداخلها، وتحدث عن بعض الصعوبات اللوجستية في إيصال المساعدات الى كافة المناطق.
قد يكون من المهم تأمين المبالغ اللازمة لإغاثة المهددين بالموت جوعاً لكن الأهم من ذلك أن يعالج الاتحاد الأوروبي الأسباب التي أوصلت السوريين إلى هذه الحالة، وأن يتذكروا بأن سورية كانت من الدول التي تتمتع باكتفاء ذاتي بمعظم احتياجات حياة السكان وخاصة في مجال إنتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية الاستراتيحية وكانت تصدر المواد الغذائية والدوائية والنسيجية الفائضة عن حاجة الاستهلاك المحلي وتقدم الدعم للدول المنكوبة وذلك قبل أن تشارك دول الغرب في تنفيذ المخطط الإجرامي الإرهابي وترصد ميزانية وصلت إلى مئتي مليار دولار لإسقاط الدولة الوطنية السورية وفق اعترافات متلفزة لوزير خارجية قطر حمد بن جبر آل ثاني.
إذن فالاتحاد الأوروبي الذي يذرف دموع التماسيح ويتسول لإغاثة ضحاياه يعلم علم اليقين بأن عدد الذين يحتاجون الى معونات إغاثية مرشحون للزيادة إذا لم تتراجع تلك الدول عن سياساتها العدائية حال الشعب السوري مع إلغاء العقوبات الجائرة و غير القانونية التي فرضها الاتحاد وأمريكا والحصار وتعطيل الحلول السياسية للأزمة والتوقف عن سرقة النفط والموارد الأخرى وعليها أيضاً التكفير عن أخطائها وخطاياها بحق الشعب السوري الذي حولت الأزمة قسماً كبيراً منه إلى لاجئين ونازحين وفقراء وجياع والانخراط في إعادة الإعمار وتقديم القروض الميسرة للدولة السورية هذه الدولة التي تميزت عن دول العالم الثالث ببرائتها من أي دين خارجي (قبل الأزمة).
لقد ارتفع عدد اللاجئين حول العالم إلى مئة وعشرة ملايين لاجئ وعددهم مرشح للزيادة اليومية بسبب السياسات الأمريكية والغربية، وإشعال الحروب وخلق الأزمات وتعقيدها، وبالتالي فإن التسول من الدول المانحة لإنقاذ الملايين من المجاعة يجب أن يترافق بتغيير جذري في التعاطي الأوروبي مع دول العالم وانتهاج سياسة التعاون مع الدول الفاعلة والغنية لحل الأزمات والنزاعات ومحاربة الإرهاب ودعم الدول النامية لتحقيق التنمية المستدامة التي تحقق الاكتفاء الذاتي للسكان وتنهي الأوضاع الشاذة التي سببتها الحروب وسياسات الاستباحة الأمريكية والغربية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة