خبر عاجل
جهود متواصلة للتوعية ومنع الملوثات… مديرة الصحة المدرسية لـ«غلوبال»: الحرص على تعقيم الخزانات وضبط المقاصف المدرسية تردي جودة ونقص في وزن الربطات… عضو المكتب التنفيذي المختص بدرعا لـ«غلوبال»: أي سوء صناعة للخبز فهو حتماً ليس بالمخابز العامة سيارات “اللفة” تنتشر في السويداء… مدير النقل لـ«غلوبال»: لاتوجد إحصائية دقيقة بأعدادها لكنها تتجاوز العشرة آلاف سيارة أمطار غزيرة شهدتها طرطوس أعلاها في بانياس 108 مم… مدير مكتب الحمضيات لـ«غلوبال»: جيدة لجميع المحاصيل “ريد كاربت” يعيد الكاتب مازن طه إلى الكوميديا درع الاتحاد.. حطين يفوز على الجيش والشعلة يتفوق على الطليعة انفراج في أزمة المحروقات… عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات بدمشق لـ«غلوبال»:أزمة الموصلات في طريقها للحل الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية المكتب التنفيذي برئاسة فراس معلا يتخذ هذه القرارات بعد أحداث الشغب في كأس السوبر لكرة السلة الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الدكتور محمد غازي الجلالي
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

إطلاق النار العشوائي تحد للمجتمع والقانون يحتاج لرادع جذري

خاص غلوبال – شادية اسبر
إلى أن يثبت العكس، ما زلت مقتنعة أننا نحن السوريون حالة لا تشبه أخرى على هذه الأرض، نتفاخر بتاريخنا الحافل بالحضارة، بأننا أبناء الشمس، أحفاد حاملي المعاول، على أرضنا كتبت الأبجدية الأولى، منها تعلمت البشرية الأديان السماوية، ولا أعلم بدقة ربما هنا بالتحديد نزل آدم معاقباً بالخطيئة التي ارتكبها، لنكون نحن ورثة الدم الأول في البشرية، والذي سُفك بين الإخوة.


نفرح فنطلق النار، نحزن أيضاً فنطلق النار، نحتفل بعرس ونتفاخر بكم الرصاص الذي أطلقناه، نشيع شهيداً ونفخر بأعداد الطلقات التي قتلت صوت الوجع، وصمّت آذان مشيعيه، وأحياناً قتلت بعضهم، هو المشيَّع المغادر ثمناً لرصاصة اخترقت قلبه، ولو كانت بيده لبقي حياً، أو أقله رد النار بالنار على قاتله.


كل عام في مثل هذا اليوم، الحادي والثلاثين من كانون الأول، وتماماً منتصف الليلة الأخيرة، سلوك جمعي ما زلت أبحث في دوافعه منذ بلغت عمر التفكير ومفهوم البحث، لماذا يطلقون النار بكثافة احتفالاً برأس السنة الميلادية، وهم الذين يلعنون أيامهم على مدى العام؟
يقول علماء النفس إن العنف يتميز برد الفعل الذي يحكم تصرفات الإنسان، وبالتالي سلوكه، لتكون العواطف هي محرك رد الفعل، وهنا نميز إنسانا عن آخر، بأن فعله مبني على تفكير أو تقليد أو انفعال غير محسوب، لنجد أن الحالتين الأخيرتين طاغيتان على السلوك البشري، وهذا ما ينطبق على الحالة السورية، في رأس السنة الميلادية.


12 عاماً من النار التي أطلقها جميع السوريين على جميعهم، رفعوا صوت السلاح على صوت العقل، صموا أذن الحقيقة برصاص تقليد الانفعالي الأعمى، فكان وتر العواطف يرن بإصبع على الزناد، ولا تنتظر أي سيالات عصبية تأمرها، سوى بالضغط على الزناد.


دونما تفكير أو ترو أو حتى رؤية، سرت الموضة أن يطلقون النار في رأس السنة، يشترون رصاصاً من سوق سوداء، يدفعون ثمنه قرشهم الأبيض المخبأ ليومهم الأسود وهم في أحلك سواد أيامهم، يفضلون الرصاص على طعام أولادهم، يحرقون قلب من حولهم في سواد منتصف الليل، وكأنهم يشعرون بأنهم أسياد تلك الليلة، بحثاً عن بطولة لا يستطيعون تحقيقها سوى بالتعدي على حقوق الآخرين؟
أنا لا أحتفل بمرور عام لم يكن فيه ما يُفرح يا صديقي، وأنا لن أحتفل بقدوم آخر لا بوادر للفرح فيه، حتى أني لا أؤمن بالفرح المحكوم بروزنامة الأيام، وأنا لست سوداوية في كلامي هنا، أو موقفي ذاك، أنا حالة تشبه الكثيرين، الذين هم أكثر بكثير من المحتفلين المطلقين رصاص الفرح الموهوم.


لم تدخل هذه العادة في مجال الموضة، بل هي غيرة وتقليد أعمى، ترى مشهد الناس في محلات الوجبات السريعة الجاهزة، أو المكسرات والحلويات، في أسواق الفواكه والخضروات، الأكياس في أصابع الرجال والنساء تتدلى مدللة رغم الغلاء، أسأل نفسي وأفكر، لماذا يأكلون كل هذا في يوم واحد؟ ما الفرق عندهم بين اليوم وغداً؟ لماذا لا يوزعون هذا الطعام على مدى الأسبوع؟ أو إن كانوا في وفرة، لماذا لا يوزعونه على الأكثر فقراً، بعدما أصبحنا جميعاً فقراء؟! أصمت بلا جواب، وأقول حرية شخصية ـــــ مع تحفظي على حالة اللاوعي الجمعي التي يعكسها المشهد ــــ أقول لنفسي ليستقبل كل منا عامه بطريقته، لكن هذا القول لا ينسحب على مطلقي الرصاص، فهنا انتهت الحرية الشخصية ودخلنا حدود حرية الآخرين، وللتذكير فإن هذا التصرف، موصّف بالقانون السوري وتتم المعاقبة عليه.


العنف والسلاح سيّدا مواقف الغالبية، فلا يمر يوم إلا ونسمع بمقتل شخص برصاص طائش، خسر الكثيرون أرواح أحبة بطيش آخرين، حتى قبل أيام خسر ولد أمه في إحدى قرى ريف دير الزور بطيش رصاصه المحتفل بخروجها من المشفى معافاة، فإذا به يقتلها برعونة اللامبالاة، وهنا أسأل دائماً عن شعوره بعد الحادث! هذا الفَرِح كيف قتل فَرَح ذاته؟
أسأل كل من أطلق أو يفكر اليوم بإطلاق الرصاص، أن يفكر لحظة، ماذا سيقول لضحيته؟ وما عواقب فعلته قانونياً واجتماعياً ونفسياً؟
المشكلة لا تكمن في الاحتفال، بل في طريقة التعبير عن الفرح، ومع غياب الرقابة وخروجها عن السيطرة، من الضروري امتلاك الإرادة والوعي، فرصاصك العشوائي في قلب غيرك، وهذه الظاهرة باتت واقعاً مزعجاً تخلف كوارث وأضرارا مادية وبشرية لا يمكن السكوت عنها، والتعامل معها على أنها عابرة، هي سلوك يتنافى مع القيم والأخلاق، ويتحدى المجتمع والقانون، وعلى الجميع وضع حد جذري ورادع له، فنرجوكم لا تقتلوا العيد برصاص فرحكم.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *