إلغاء تأجير المدارس الخاصة استجابة أم قناعة؟
خاص غلوبال ـ علي عبود
كادت قرارات وزير التربية السابق دارم طباع بتأجير أكثر من 20 مدرسة حكومية تشق طريقها للتنفيذ في الثالث من أيلول القادم لولا صدور قرار من وزير التربية الجديد الدكتور محمد عامر مارديني (ألغى بموجبه عقود المدارس الحكومية المؤجرة للقطاع الخاص كمدارس تعليمية في مدينة دمشق ،وكلف القرار مديرية تربية دمشق التنفيذ لتعود هذه المدارس لاستقبال التلاميذ والطلاب كما كانت قبل تأجيرها).
وقد لاقى هذا القرار ترحيباً، وخاصة من الأهالي في مناطق ضاحية الشام الجديدة، والجادة الثالثة بالمهاجرين، وركن الدين، ومحيط جامع الماجد بمنطقة الزاهرة..الخ، فقد وفّر هذا القرار لآلاف الطلاب عناء البحث عن مدارس بديلة بعيدة عن منازلهم.
والسؤال: هل تمت إقالة وزير التربية السابق استجابة لما نشرناها في شبكة غلوبال الإعلامية بتاريخ 30/7/2023 تحت عنوان (مدارس حكومية في قبضة حيتان المال)؟ وما قد تم نشره في (البعث الأسبوعي) بتاريخ 26/7/2023، تحت عنوان (هل يجيز الدستور لوزارة التربية تأجير المدارس الحكومية للقطاع الخاص)!.
ربما هي مصادفة بحتة أن تتم إقالة وزير التربية دارم طباع بعد ساعات من إعادة نشر المقالة على صفحتي الشخصية في الفيس بوك، وقد لاحظ هذا الأمر الزميل جانبلات شكاي فسألني (قولك بتعتقد بأنه هالملف ورا طيرة الوزير، ولّا ماخفي أعظم)،أجبته بلا تردد: لاعلاقة للملف بتطيير الوزير!
وكنت وما أزال مقتنعاً بأن مامن وزير ولا حتى مدير عام وصولاً إلى أي رئيس لدائرة خدمات (دمر كمثال) يستجيب لما تنشره وسائل إعلامنا إلاّ حول أمور صغيرة جداً، أو لتصفية حسابات مع جهات أخرى، وما زلت عند الرأي بأن إقالة الوزير طباع لاعلاقة لها بتأجير المدارس الحكومية لحيتان المال، فعملية التأجير تمت صفقتها منذ أشهر، ولم تكن الحكومة بحاجة إلى الإطلاع عليها من الإعلام!.
لقد انتهت حقبة استجابة الحكومات لما ينشره الإعلام منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وقد عبّر رئيس حكومة التسعينيات بتدشين الحقبة الجديدة بالقول: اكتبوا ماتشاؤون، وسنفعل مانشاء!.
وبما أن الزميل جانبلات شكاي ذكر عبارة (ماخفي أعظم) فإننا نسأل: بما أن العقود مهما كانت مسمياتها تناقش في اللجنة الاقتصادية، وتحتاج في حال الموافقة عليها إلى قرار من رئاسة الوزراء، فهل وزير التربية السابق قام بتأجير أكثر من 20 مدرسة للقطاع الخاص بطريقة العقود بالتراضي دون موافقة اللجنة الاقتصادية، أي بمبادرة شخصية؟.
أما بالنسبة لصدور قرار من وزير التربية الجديد الدكتور محمد عامر مارديني بتاريخ 22/8/2023 الذي (ألغى بموجبه عقود المدارس الحكومية المؤجرة للقطاع الخاص كمدارس تعليمية في مدينة دمشق)، فقد صدر بعد نشري لمقالة في شبكة غلوبال بتاريخ 10/8/2023 تحت عنوان (هل سيلغي وزير التربية الجديد عقود تأجير المدارس الحكومية لحيتان المال)؟ وبعد إعادة نشرها على صفحتي بتاريخ 21/8/2023!.
السؤال: هل استجاب الوزير لما نشرناه في موقع غلوبال أم هو قناعة شخصية؟
أعتقد جازماً بأن وزير التربية الدكتور مارديني غير مقتنع ولا من مؤيدي تأجير المدارس الحكومية للقطاع الخاص وتحديداً لحيتان المال، وبالتالي فقراره يعكس إيمانه بالتعليم الرسمي، وكان من المنطقي والطبيعي والمنتظر أن يصدر قراراً بإلغاء العقود بالتراضي التي أبرمها سلفه مع حيتان المال، فالقرار أتى في وقته المناسب، أي قبل أيام معدودة من بدء العام الدراسي الجديد.
الخلاصة: ليس مهماً أن يصدر قرار بإلغاء تأجير المدارس الحكومية استجابة للإعلام أم بفعل قناعة من الوزير، المهم أن القرار أراح آلاف الطلاب فهو سيعيدهم لمدارسهم التي يدرسون فيها منذ أعوام، وسيتيح لآلاف أخرى من الطلاب التسجيل في المدارس الجديدة التي أنجزت بالقرب من مناطقهم، وقد تأجل افتتاح بعضها في العام الدراسي الماضي بهدف تأجيرها، أي تسليمها جاهزة لحيتان المال.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة