اجتماع الرياض ومطلب وحدة العالم الإسلامي
خاص دمشق – زهير المحمد
في خضم جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتصاعدة في غزة، فضلاً عن اعتداءاته المتكررة في لبنان، والتي باءت بالفشل حتى الآن بسبب صمود المقاومة، وفي ظل الوضع الذي يشهده لبنان، يسعى مسؤولو البيت الأبيض إلى فرض مطالب الكيان على المنطقة، وفي تطور محمود على مسار التقارب بين الدول الإسلامية، عقد الاجتماع الطارئ الثاني لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في الرياض بحضور مسؤولين من أكثر من 50 دولة إسلامية.
وبحث هذا الاجتماع سبل وقف إطلاق النار وإنهاء هجمات الكيان الصهيوني على غزة وجنوب لبنان، إلى جانب تقديم المساعدات للنازحين، وشددوا على دعم فلسطين ولبنان، ولقد انعقدت هذه القمة كتوافق دبلوماسي بين الدول العربية والإسلامية، كما أنها ملزمة إلى جانب المواقف والآراء المطروحة، باتخاذ إجراءات عملية لدعم فلسطين ولبنان ومواجهة الاحتلال وداعميه، إذ إن غياب هذه الأمور خلال الـ 75 عاماً الماضية، أصبح الأساس لاستمرار الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة في المنطقة.
أهم ما في الأمر هو أن الدول الإسلامية تتمتع بقدرة سكانية تبلغ 2 مليار نسمة، إلى جانب العديد من المقومات الاقتصادية، خاصة في مجال الطاقة، والتي يمكن أن تكون أداة فعالة في أيدي الدول الإسلامية للضغط على الدول الغربية لممارسة نفوذها لوقف آلة العدوان، ولقد أظهرت التجربة أنه طالما لم يتم فرض المشقة على الغرب، فإنهم ليسوا على استعداد لوقف الدعم والتواطؤ مع الاحتلال.
يمكن استخدام هذه الأداة الاقتصادية بطريقتين فمن ناحية، ينبغي على الدول الإسلامية تنفيذ سياسة العقوبات الحقيقية ضد الكيان وداعميه، ومن ناحية أخرى، ومع تقارب العالم الإسلامي، ينبغي عليها التعامل مع سياسات العقوبات والضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمارسها الدول الغربية ضدها،
بمعنى آخر، إلى جانب فرض العقوبات ضد الغرب، ينبغي عليهم أن يواجهوا بشكل موحد ومتآزر العقوبات الغربية ضد الدول الإسلامية، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز نفوذ العالم الإسلامي ودوره في النظام العالمي الجديد.
وبالإضافة إلى القدرات المذكورة، يمكن ملاحظة مبدأ مهم في تطورات احتلال فلسطين على مدى 75 عاماً واحتلال وجرائم الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وهو أن الكيان وأعوانه لا يفهمون إلا لغة القوة، وكلمة الدبلوماسية لا تعني لهم في الواقع شيئاً في اتجاه حل القضية الفلسطينية، حيث آلت الامور من كامب ديفيد إلى غزة وأريحا ووادي عربة وأوسلو وغيرها، ولم تسفر إلا عن إهدار جزء آخر من الحقوق الفلسطينية، لأن العدو يفسر الدبلوماسية على أنها علامة على الضعف وفرصة للابتزاز، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن سلوكيات الغرب المتوحش لا تزال تشكل البنية العقلية لرؤساء الولايات المتحدة وشركائهم الأوروبيين، كما قام الكيان الصهيوني على نفس التفكير.
إن التطورات التي تشهدها المنطقة منذ عام 2000 وحتى اليوم على الأقل، بما في ذلك مرور عام على “طوفان الأقصى”، تظهر أن الحل الوحيد المتبقي للقضية الفلسطينية وعودة السلام والأمن إلى المنطقة هو النهج الميداني أو الحل الشامل عبر المقاومة، وتكون الدبلوماسية في هذا المجال فعالة عندما تهدف إلى تعزيز القوة العسكرية والدفاعية للمقاومة، وخاصة لبنان وفلسطين.
كما يجب أن تكون هذه الدبلوماسية مكملة للميدان بهدف مواجهة حرب روايات العدو الصهيوني، وأيضاً توجيه المجتمع الدولي نحو دعم المقاومة، مما سيؤدي في النهاية إلى تثبيت إنجازات الميدان في الوادي السياسي.
كما لا ينبغي تحديد هذه الدبلوماسية في اتجاه التفاوض والتسوية مع الكيان أو الغرب، بل في إطار التحشيد الدولي لدعم فلسطين ولبنان ومواجهة مؤامرات ومخططات المجرمين الصهاينة.
إن العالم الإسلامي اليوم في خضم حرب لن تحقق فيها التنازلات وتفضيل الدبلوماسية أي إنجاز سوى تكرار إذلال الهزيمة أمام الكيان الصهيوني والغرب، لأن مجريات اليوم هي أولى بشائر التحرير.
وسيواصل شعبا فلسطين ولبنان طريق المقاومة الذي اختاراه، بدعم أو من دون دعم العالم الإسلامي، وفي النهاية سيبقى الخذلان نصيباً لمن يتوهم أوهام التسوية والمفاوضات مع الشيطان الأكبر.
لقد وجد العالم الإسلامي اليوم الفرصة ليصرخ بحضوره الميداني بالوحدة، من أجل إنهاء 75 عاماً من الاحتلال ووضع حد لجرائم الكيان الصهيوني وأعوانه، وليتردد اسمه في العالم من جديد، أمة محبة للحرية وموحدة وتلعب دورها التاريخي في النظام الجديد للتعددية العالمية التي بدأت تتكشف ملامحها بوضوح.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة