اجتماع اللجنة المركزية والمسؤولية الوطنية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
إن الشعب السوري برمته يعقد الآمال على اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي برئاسة الأمين العام الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية، والقرارات التي يمكن أن تصدر عن الاجتماع، خاصةً ما يتعلق منها بحياة السوريين ككل، وليس على حياة البعثيين لأن “البعث” هو حزب سياسي له إيديولوجية واضحة في توجهاته القومية والدولية والإنسانية التي لم يتخل عنها حتى الآن، وهو ما جعل الدول الصديقة والدول الشقيقة تحدد علاقاتها مع سورية وتطورها أو تهمشها استناداً إلى الخط السياسي الواضح الذي ينطلق من رؤية موضوعية لحزب جماهيري لديه أهداف محددة قد يتأثر الوصول إليها بالظروف التي يشهدها العالم، وما يستدعي بتغيير في التكتيك بشرط ألّا تتعارض مع الاستراتيجيات العامة.
لقد ضغطت القوى العالمية بشكل كبير على حزب البعث في سورية لتغيير توجهاته الإستراتيجية وخاصة مع قوى المقاومة في فلسطين ولبنان وفصل العلاقة الإستراتيجية مع الثورة الإيرانية والتي كان أساسها وقوف إيران الى جانب العرب وقوى المقاومة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي، لكن لم تستطع كل الإغراءات والضغوط تغيير هذه الإستراتيجية، وكذلك علاقاتها مع روسيا والصين وبقية دول عالم الجنوب التي تقف إلى جانب قضايانا الوطنية وقضايا التحرر الوطني عموماً.
وبالتالي فإن مشروع “إسقاط الدولة السورية” ومحاولات “إنهاء حزب البعث” كانت أهدافاً معلنةً للإدارة الأمريكية وقد ترجمتها فورة الهشيم العربي، حيث كان المطلب الأهم في شعارات المشاركين في ذلك الهيجان الذي سوقوه كمظاهرات سلمية، إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنصّ على أن “البعث” هو الحزب القائد للدولة والمجتمع، وبالفعل تم إلغاء المادة الثامنة مع إصدار قانون للأحزاب والانتخابات التعددية لكن كل ذلك لم يهدئ من روع المتآمرين في الداخل والخارج، واستمرت الحرب الكونية على سورية لتهديم كل مابناه “البعث” منذ آذار عام 1963 سواءً على صعيد البنى التحتية، أو حتى على صعيد بناء العقول والخبرات، بعد تحول سورية إلى أحد أهم أقوى دول المنطقة لدرجة أنه طرح سؤال من قبل الإعلامي جورج قرداحي في برنامجه الشهير (من سيربح المليون): من الأقوى الاقتصاد السوري أم الاقتصاد السعودي؟ وتفاجأ الجميع أن الجواب الصح كان الاقتصاد السوري، مع أن السعودية تصدر عشرة ملايين برميل نفط يومياً، في حين إنتاج سورية كان 350 ألف برميل يومياً، فكانت سورية التي يقودها “البعث” تقدم التعليم والصحة والخدمات وحوامل الطاقة بشكل مجاني أو شبه مجاني، وهذا ما عبّر عنه هينري كيسنجر في تصريحاته ومذكراته بالتساؤل “كيف تستطيع سورية بإمكاناتها البسيطة أن تقدّم كل ذلك بينما تعجز عن ذلك دول تعوم على بحور من النفط والغاز”.
إن تولي حزب البعث للسلطة لا يعني أن جميع الأمور كانت مثالية وأنها لم تقع بكل الأعراض والأمراض التي تقع بها الأحزاب الحاكمة، لكن بالمحصلة العامة كانت سورية تحقق الحياة الكريمة لأغلبية مواطنيها، وتعيد توزيع الثروة وتحقق نسبة مقبولة من العدالة الإجتماعية.
ولعل من يحاول إجراء مقارنة بسيطة بين الوضع المعيشي والوضع العام في البلد فيما قبل الأزمة، ومع ما نعيشه الآن، يدرك ذلك الفرق الهائل بين الوضعين.
وهذا لا يعني أن “البعث” قد قضى على التمايز الطبقي، أو اجتثّ الفساد، أو قام بشفاء كل الأمراض الاجتماعية، لكنه بالفعل كان يحقق خطوات مهمة على طريق تحسين ظروف المجتمع ككل، وبشكل مستمر ومتتابع.
المهم الآن أن حزب البعث يتمتع بأغلبية برلمانية ووزارية وله التأثير المباشر على كل القرارات السياسية والاقتصادية، وبالتالي عليه أن يتحمل مسؤولياته، وأن يرقى بدوره الاقتصادي بشكل يوازي نجاحه في الجانب السياسي.
إن اجتماع اللجنة المركزية للحزب ليس حدثاً تنظيمياً فقط، فالحدث مهم للغاية والأهم أن ترقى قراراته ومقرراته إلى أن يرضي طموح الشعب السوري بكل فئاته وانتماءاته.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة