اختبار صناعي والنتائج مبشرة
خاص غلوبال – سامي عيسى
المتابع للواقع الصناعي السوري بصورته الخاصة والعامة، يدرك تماماً حالة الارتباط، والتشابك في ميدان العملية الإنتاجية، وخاصة في ظل سنوات الأزمة الحالية، التي تداخلت فيها قوى التشابك لتأمين استمرارية العملية الإنتاجية، رغم ما اعتراها من ظروف صعبة، وعوائق كبيرة تصدى لها القطاع الخاص في تأمين المطلوب سواء للسوق المحلية، أم على مستوى شركات الإنتاج في القطاع العام، الذي أمن حاجتها من المستلزمات والمواد الأولية، اللازمة لاستمرار العملية الانتاجية ولو في حدوده الدنيا.
فكانت حالة التشابك تحمل الكثير من الإيجابية مقابل بعض السلبيات، التي حدثت من قبل ضعاف النفوس في القطاعين العام والخاص، والركض خلف المصالح الشخصية، وتغير بعض مفاهيم العمل نتيجة سلبيات الأزمة، والتشوهات التي أصابت مفاهيم العمل خلال سنوات الحرب.
إلا أن إعلان وزارة الصناعة عن نتائجها الإيجابية على المستوى الكلي لعمليات الإنتاج والتسويق والتي فاقت قيمتها مئات المليارات من الليرات السورية، رغم ندرة الامكانات المادية والبشرية، هو بمثابة دليل واضح على قوة التشابك والترجمة الفعلية على أرض الواقع، دون أن ننسى إمكانية الإدارات على اختلافها من رسم استراتيجيات التنفيذ، واستثمار الممكن من الامكانات المتوافرة، وتحقيق تشاركية المنفعة المتبادلة بين القطاعين العام والخاص، وتثبيت قوائم طاولة الاقتصاد الوطني المتمثلة بقوة الإنتاج ورأس المال، والقدرة البشرية، والحماية القانونية وتشريعاتها، رغم كل الظروف الصعبة ومشكلات الحرب الكونية، وثقل تدمير المنشآت الصناعية والخدمية، وهروب عمالتها، إلا أن أرقام الإنتاج فاقت كل التوقعات.
وبالتالي هذا الأمر فرض حالة الخيار الواحد أمام أهل الإنتاج “الخاص والعام” في “استمرارية الإنتاج” ضمن تركيبة مكون الحالة الاقتصادية العامة التي فرضتها الظروف المحيطة باقتصادنا الوطني، والذي لم يذق فيها طعم الراحة والاستقرار ليس في الظروف الحالية، وإنما في المراحل السابقة أيضاً لأنه اقتصاد مقاوم لقوى فرضتها الحالة العدائية التي لازمت اقتصادنا منذ عقود ومازالت، هدفها النيل من هيبة الدولة السورية، خدمة للمخططات الاستعمارية للسيطرة على مراكز قوتنا الاقتصادية ومقومات وجودها وخاصة فيما يتعلق بالمكون الصناعي وإنتاجيته المتزايدة، وما يحصل في المنطقة الشرقية من سيطرة الاحتلالين “الأمريكي والتركي” على مقدرات الدولة السورية النفطية، والثروات الباطنية والزراعية خير دليل ومثال، وهذه الحالة تعتبر الأخطر إلى جانب الحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة باعتبار المستهدف الأول فيها المواطن في معيشته اليومية، قبل استهداف مكونات الدولة المختلفة.
من هنا كان الخيار الصناعي في مكانه في زيادة الإنتاجية، وتثبيت قوائم الطاولة الاقتصادية في مواجهة ظروف حرب كونية، وعقوبات ظالمة، وحصار هو الأخطر في تاريخ البشرية، ومواجهة كل التداعيات السلبية، وتحقيق نتائج تتماشى مع حجم الإمكانات، وتتفوق عليها في كثير من المواقع، منها الصناعة الاسمنتية والنسيجية، والتبغ والصناعات الكيميائية وغيرها من مكونات العملية الإنتاجية الصناعية، وهذه تحسب لأهل القطاع عمال وإدارات على اختلافها وتنوعها.
وهذا كله كان تحدياً كبيراً لإثبات قدرتها على التأقلم مع الظروف وتلبية الاحتياجات الضرورية وقدرتها على التعاطي معها، والوصول إلى طاقات إنتاجية تحقق الغاية والهدف من أي منتج تفرضه الظروف والحالات الطارئة.
وكل ذلك كان محطة اختبار للصناعة السورية في تجاوز محنتها خلال أزمة عمرها الزمني أكثر من ثلاثة عشر عاماً، والافتراضي عقود ما قبلها، فهل تستكمل الصناعة مواجهتها بمكونات جديدة، ومفردات إدارية تحمل المسؤولية من أوسع الأبواب؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة