استشهاد القادة العظام لن ينهي الصراع
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
قد يكون استشهاد رئيس المكتب السياسي لحماس خسارة كبيرة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخسارة لكل شرفاء العالم الذين يرفضون الذل والاستسلام والانصياع لرغبات المحتل وسياسات الاستباحة التي تمارسها واشنطن ومحور الشرّ الذي تقوده، وتوظف فيه كل إنجازات العلم واستثمارات الاقتصاد والخيرات المنهوبة من شعوب العالم.
ردود فعل حزينة بفقد رجل نذر نفسه لنصرة شعبه والدفاع عن قضية عادلة، رجل نال الشهادة بكامل إرادته ليلتحق بقادة عظام كانوا أمناء في غرس ركائز محور المقاومة، ودفعوا أرواحهم لترسيخ وحدة الساحات، مؤكدين أن الشهادة طريق النصر وثمرة وهدف للنضال بحدّ ذاتها.
الشهيد يحيى السنوار يتابع الارتقاء على درب الشهادة التي سبقه إليها سماحة السيد حسن نصر الله وكوكبة من قادة المقاومة في لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن وصولاً إلى إيران.
لقد أخطأ الرئيس الأمريكي ترامب عندما قرّر اغتيال الشهيد قاسم سليماني والشهيد المهندس قبل خمس سنوات ونيف، وهم في أوج تصديهم لقطعان “داعش” التي كانت تهدّد دول المنطقة، وتهدّد الحضارة الإنسانية برمتها، لأنه ارتكب جريمة حرب وبات في سجل المجرمين، وتحولت دماء الشهداء إلى عطر يفوح بالآفاق لينعش العزيمة لدى ملايين الشرفاء، وتنبت أفواج وأجيال متجدّدة عازمة على متابعة الطريق والانتقام لدماء الشهداء نهج هؤلاء القادة الشرفاء.
واليوم يتوهم نتنياهو، كما توهم ترامب وغيرهما من أعداء الإنسانية، كما يتوهم داعموه في واشنطن وعواصم الغرب بأن المعركة قد انتهت، لكن المعركة لا تنتهي باستشهاد القادة العظام، وعلى عكس ما يتوقعون ويتوهمون ستأخذ المعركة مساراً جديداً وتفرز المقاومة في غزة وبكامل فلسطين المحتلة ولبنان وفي المنطقة عموماً قادتها الذين صقلتهم التجربة وعزّزت تصميمهم إرادة لا تلين لتحقيق أهداف أسمى لا يعرفها أولئك القتلة الذين يرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بالسلاح أو بالمواقف.
قادة الغرب يقولون، إنه آن الأوان لإنهاء الحرب بعد استشهاد أبو إبراهيم، وقالوا ذلك عند استشهاد القادة الذين سبقوه، لكن الحقيقة أن وقف الحرب، بل إنهاء الصراع لا يمكن إلا باتفاق مشرّف، سواء أكان ذلك الاتفاق لتبادل الأسرى وانسحاب “إسرائيل” من غزة، وهذا بالتأكيد يمكن أن ينهي الحرب المشتعلة الآن.
لكن إنهاء الصراع في فلسطين المحتلة والمنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بحلّ عادل يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ينهي احتلال الأراضي ويضمن حق العودة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق أرضه، وفي دولة مستقلة ذات سيادة، وإلا فإن “طوفان الأقصى” و”الوعد، بل الوعود الصادقة” سوف تتجدّد حتى تتحقق الأهداف التي استشهد كل أولئك الشرفاء من أجلها وسلموا الراية لمن يكمل المشوار على طريق يعيد الأرض والحقوق عاجلاً أم آجلاً إلى أصحابها.
إن شروط إعادة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة وعلى كامل جبهات الإسناد معروفة لدى الإسرائيليين والأمريكيين، وهي شروط تم الاتفاق عليها منذ نهاية شهر أيار الماضي وفق اقتراح للرئيس الأمريكي بايدن بالاستناد إلى ورقة إسرائيلية، وتبناها مجلس الأمن بقرار واضح لوقف إطلاق النار.
وطبعاً يبقى ذلك مجرّد هدنة ووقف إنساني لإطلاق النار، أما جبهة الصراع الكبرى في المنطقة فلن تخمد نيرانها مهما دُفنت جمراتها اللاهبة تحت الرماد، إلا بحل يطفئها عبر حل قضية العرب المركزية، وإقامة دولة للشعب الفلسطيني، مهما تخوفت “إسرائيل” من هذا الحل لأنه كما الصراع سيقوض كيانها المتهاوي ديمغرافياً بالنهاية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة