استوردنا الثوم بعد تصديره واكتوينا بتسعيره
خاص غلوبال – زهير المحمد
حصل ما توقعناه منذ بداية موسم الثوم وشفطه من للأسواق بأسعار بخسة وتصديره رغم معرفة مسبقة من الجميع أن الإنتاج لايزيد على حاجة الاستهلاك، وارتفع سعر الكيلو منه من الأربعة آلاف إلى عشرة ثم إلى عشرين بعدها إلى ثلاثين ألفاً وليكسر الثوم الصيني المستورد حاجز الأربعين ألفاً وسط ذهول وحيرة من المستهلكين بالعي الموس على الحدين.
منذ شهر تقريباً كان سعر الثوم الصيني المستورد يباع في البقاليات بأربعين ألفاً وهو سعر كبير جداً ويتخطى كل تكاليف الاستيراد، فكيف سمحت لجان التسعير بذلك لانعلم؟.
المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد وإنما واصل الثوم الصيني المستورد ارتفاع أسعاره ليصل الآن إلى ستين ألف ليرة، دون معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك، ولاسيما أن سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية لم يتغير خلال الشهر المنصرم، وبالتالي من المفترض أن يحافظ الثوم المستورد على أسعاره السابقة، لكن ذلك لم يحصل وارتفع السعر بنسبة خمسين بالمئة ليباع الآن بسعر ستين ألفاً للكيلو الواحد.
وكان من المفترض أن تحافظ السلع المستوردة على أسعارها إذا لم يتغير سعر الصرف فما هي الأسباب، سؤال يطرحه المستهلكون دون أن يجدوا لذلك أي إجابات مقنعة لدرجة اقتنع فيها الجميع أن المواطن المستهلك هو الحلقة الأضعف، وأن كل حاجاته الأساسية وأسعارها وتسعيرها تخضع للمزاج أكثر مما تخضع لقوانين التجارة أو الموازنة بين كلف الإنتاج والاستيراد وأسعار البيع.
لقد باتت الحاجة ماسة لإعادة النظر بعبارة حماية المستهلك التي تم تجريدها من مضامينها، لأنه ثبت فعلياً من خلال غليان الأسعار الذي لايهدأ بمناسبة ودون مناسبة، أنه لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً لإنقاذ المستهلك الذي يغرق أكثر فأكثر في مستنقع الغلاء الذي لايرحم، دون أن يستطيع التنفس تحت الماء كما كان يقول المطرب الراحل عبد الحليم حافظ ودون أن يسمع أحد صوته، وهو يقول (إني أغرق أغرق) وحتى لو وصل صوته إلى من يهمهم الأمر فقد يفسرون قوله بأنه تعبير عن حالة طربية وترديد لأغنية عبد الحليم حافظ من كلمات الشاعر نزار قباني (إني اتنفس تحت الماء…إني أغرق أغرق) ويتركونه يغرق دون أن يرف لهم جفن.
لقد تحول الغلاء إلى وحش لايرحم أصحاب الدخل المحدود بل الدخل المهدود الذي تتراجع قدراته في مواجهة الموجات المتلاحقة من الغلاء، دون أن تلوح في الأفق أي دلائل تشير إلى قرب انتشال الذين لايستطيعون التنفس لاتحت الماء ولا فوقها ولا في الأسواق من خطر الغرق المميت في مستنقع الغلاء الذي يتسع بالطول والعرض، ولم يعد ينفع معه الدين ولا الحصول على قرض.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة