الأسعار في لبنان ليست أرخص من سورية؟!
خاص غلوبال ـ علي عبود
لسنا مع من يجزم أن الأسعار في لبنان أرخص منها في سورية، فمن يتابع الإعلام اللبناني سيكتشف أن التجار اللبنانيين تماماً مثل نظرائهم السوريين رفعوا أيضاً الأسعار بذريعة الأزمة في البحر الأحمر، وبنسب تراوحت بين 25 ـ 50%، رغم استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية منذ عدة أسابيع عند سقف 89600 ليرة أمام الدولار، واضطرت الأسر اللبنانية التي تراجع دخلها مع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية إلى تقليص مواد موائد إفطارها، تماماً كما هي حال السوريين.
لقد ارتفع سعر كيلو الدجاج في لبنان من 170 ألف ليرة (نحو دولارين) إلى 370 ألف ليرة (57350 ل.س) وارتفع كيلو اللحم البقر إلى 1.5 مليون ليرة (230 ألف ل.س ) والغنم إلى 2 مليون ليرة (310 آلاف ل.س).
وبعد أن كانت وجبة الحساء بـ 40 ألفاً ارتفعت إلى 70 ألف ليرة (10800 ل.س) وكيلو الخيار من 60 ألفاً إلى 90 ألفاً (14 ألف ل.س) والبندورة من 40 إلى 100 ألف (15500 ل.س) والبطاطا إلى 95 ألفاً (14725 ل.س ) والخس من 60 إلى 100 ألف (15500 ل.س)..الخ.
وهذه الأسعار تعتبر مرتفعة في سوق يُقال عنها إنها تخضع للمنافسة، وليس للاحتكار كما هي حال السوق السورية.
أما في سورية فإن رصد أسعار الخضار في الأيام الأولى من رمضان تشير إلى أن سعر كيلو الخيار تراوح بين 15ـ 30 ألف ليرة وهو سعر غير مسبوق، والبطاطا ما بين 8500 إلى 10500 ليرة، والباذنجان بين 14 إلى 21 ألف ليرة، والفاصولياء عيشة ما بين 30 إلى 35 ألف ليرة، والخسة بين 3 إلى 5 آلاف ليرة، وجرزة البقدونس والنعناع الأخضر ما بين ألف ليرة إلى 1300 ليرة..الخ.
والملفت هو التفاوت الكبير بين سعر الجملة في أسواق الهال وسعرها في أسواق المفرق، فكيلو البندورة في أسواق الهال بين 6 ـ 7 آلاف ليرة و5 آلاف للخيار، و8 آلاف للكوسا و2500 ليرة لليمون، و5 آلاف للزهرة وبين 6 ـ 12 ألفاً للتفاح.. إلخ، والسؤال: هل السعر الأخير للمحروقات يبرر رفع أٍسعار المواد بنسب كبيرة عن سعرها في أسواق الهال؟.
وقد يتفاجأ المكتوون بنيران الأسعار في رمضان هذه الأيام، بأن لبنان يستورد حالياً البندورة (والحشائش: نعنع، بقدونس، خس) أيّ المواد الأساسية لطبق (الفتوش) من سورية لرخص ثمنها مقارنة مع الدول الأخرى.
هم سيتفاجأون لأن كل المنظّرين تقريباً يؤكدون بأن أسعار المواد الغذائية في لبنان أرخص بكثير من مثيلتها السورية، وهذا الكلام غير دقيق، فكما توجد أسعار سلع لبنانية أرخص، فهناك أيضاً الكثير من السلع الغذائية السورية أرخص من مثيلاتها اللبنانية.
أكثر من ذلك، بدأ اللبنانيون العاملون بأجر يعانون في العامين الأخيرين من تدني قدرتهم الشرائية بسبب انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية بما لايقل عن 80 ضعفاً، وهاهم يؤكودون مثل نظرائهم السوريين عجزهم عن إعداد طبق الفتوش التقليدي على موائد إفطارهم، فقد ارتفعت تكلفة هذا الطبق لأسرة مكونة من خمسة أفراد من 175 ألف ليرة لبنانية في رمضان 2023 إلى 300 ألف ليرة (3.3 دولارات) في رمضان 2024!.
وإذا كانت أسعار السلع الغذائية بدأت في لبنان بالارتفاع بفعل تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية منذ 5 سنوات، فإن ارتفاعها في سورية بدأ منذ 13 عاماً، أيّ إن المقارنة بين الأسعار بين البلدين غير منطقية ولا واقعية، وتحكمها عوامل متعددة، تجعل سلعاً أرخص وأخرى أغلى، وبالتالي لايجوز إطلاق أحكام مسبقة لاتستند إلى معطيات موثقة.
نعم، اللحوم في لبنان أرخص بكثير من اللحوم في سورية، لكنها لمن لايعرف هي من الأنواع المستوردة الرخيصة والمجمدة، في حين كيلو لحم الغنم الطازج والجيد يصل إلى 23 دولاراً، أي أغلى من مثيله السوري، وكيلو لحم العجل المجمد لايقل أيضاً عن 14 دولاراً، وبالتالي فأسعار اللحوم سواء المجمدة أم الطازجة مرهقة جداً بعد تدهور سعر الصرف، وهي في البلدين حكر على المقتدرين وفاحشي الدخل.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة