الانضمام إلى القوة العادلة بوجه اقتصاديات اللصوصية
خاص غلوبال – شادية اسبر
اقتصادات دول “البريكس” الواعدة، باتت قوة جذب للاقتصاديات الناشئة، وعامل طمأنينة للشعوب المعاقَبة أمريكياً مع ازدياد استعمال الغرب للعقوبات الاقتصادية كسلاح في حروبه الجيوسياسية الاقتصادية، و”بريكس” هي المجموعة الوحيدة التي تكسر العقوبات الاقتصادية باعتبار أنها تسيطر على ثلث التجارة العالمية.
فتح تصريح وزير المالية السوري كنان ياغي على هامش أعمال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، باب النقاش في مختلف المستويات، حيث قال ياغي لوكالة “سبوتنيك” الروسية يوم الخميس الماضي إن دمشق تعتزم التقدم بطلب الانضمام إلى مجموعة “بريكس” ومنظمة “شنغهاي للتعاون”.
و”بريكس” هي تحالف دولي اقتصادي سياسي غير عسكري، يعمل لكسر الهيمنة الغربية والأحادية الدولية، وإيجاد عالم متعدد الأقطاب، ومن هنا ووسط ظروف اقتصادية قاسية محلياً وإقليمياً ودولياً، جاءت الخطوة السورية، حيث تفاقم المشاكل الاقتصادية العالمية، لأسباب متعددة متشابكة تفرضها الهيمنة الأمريكية “الاستغلالية” على الاقتصاد العالمي، ما جعل الحاجة ملحة للدخول بقوة مع دول تتشارك الرؤية العادلة ذاتها، للوقوف بوجه “الآلة الاقتصادية الأمريكية” التي لم تتوقف يوماً عن نهب واستغلال وتدمير بلدان، وتجويع وتهديم اقتصاديات شعوب لا ترضخ لها.
كلام الوزير ياغي جاء بعد تصريح كان أدلى به في وقت سابق من اليوم ذاته، رئيس معهد الصين لبحوث التحديث والعولمة وانغ وانغ تشيمين الذي أكد أن ” 13 دولة قد أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى مجموعة بريكس”، وقال: “يعلم الجميع أن فكرة “بريكس +” تم طرحها لزيادة الحوار والتعاون بشكل تدريجي بين دول المجموعة والدول النامية الأخرى والاقتصادات النامية بنشاط”.
وفكرة “بريكس +” طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ العام 2017 خلال القمة التاسعة، هي دعوة إلى مشاركة المزيد من الأسواق الصاعدة والدول النامية في التعاون والسعي نحو تحقيق المنفعة المتبادلة، بما يبشر بالصعود كقوة ذات تأثير كبير في تقديم نمط جديد من الحوكمة المالية.
وتجمع “بريكس” بين أكبر اقتصادات النمو في العالم، إذ تشكل أطرافها 40 بالمئة من سكان العالم، و41 بالمئة من مساحته، كما أنها تسيطر على 24 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وتعتزم عدد من الدول الانضمام إليها بحسب سفير جنوب إفريقيا لدى المجموعة الذي أكد أنه يوجد 19 دولة بينها 13 تقدمت بطلب رسمي للانضمام، حيث تستضيف جنوب إفريقيا القمة الـ 15 آب القادم.
وفي متابعة مواقف دول “البريكس” نجد أن أعضاء المجموعة يتبنون موقفاً صادقاً ومتوازناً بمختلف القضايا العالمية، ومن أهم أهدافها زيادة العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الدولار.
في هذا الإطار، جاء الجانب الآخر من حديث الوزير ياغي بأنه: “من المخطط أيضاً افتتاح بنك سبيربنك في سورية”،
و”سبيربنك” هو أكبر مصرف عالمي في الاتحاد الروسي، وفي نهاية العام 2019، كان لدى “سبيربنك” 96.2 مليون عميل خاص نشط و2.6 مليون عميل نشط من الشركات، استهدفته الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية العام 2022، حيث تم عزله عن نظام “سويفت” للمدفوعات، بعد أن كان تعرض للأمر ذاته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية نيسان 2022، حينها أكد البنك الروسي بأن عملياته لا تعتمد على سويفت وسينفذها بشكل قياسي.
الأمر ذاته ينسحب على منظمة “شنغهاي” في المفاعيل والأهداف، فهي تأسست العام 2001، ومقرها بكين، بقيادة روسيا والصين، وتضم إلى جانب الهند، باكستان، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، وإيران المنضمة منذ العام 2021، فيما تعد تركيا من شركاء الحوار ومرشحة لتصبح عضواً كاملاً في المنظمة التي تهدف إلى تعزيز سياسة حسن الجوار بين الدول الأعضاء، إلى جانب دعم التعاون بينها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومواجهة التكتلات الدولية بالعمل على إقامة نظام “ديمقراطي وعادل”.
إذاً هي معركة جديدة يدخلها العالم مع انقسامه إلى مؤيدين للعقوبات ورافضين لها، وأن القرارين اللذين أعلن عنهما الوزير السوري، خطوة اقتصادية سياسية من خطوات طويلة وكثيرة يحتاجها الاقتصاد السوري المعاقّب، بعد أن تم استهدافه بالنهب والسرقة والتدمير الممنهج، وبالتأكيد فإن دول “بريكس” و”شنغهاي”، لا تتوقع تدهوراً سريعاً في القدرة الأميركية الاقتصادية والتجارية والسياسية، لكن تقدّم الصين وروسيا وحلفائهما الإقليميين والدوليين، يؤكد بأن مرحلة الانزياح الاستراتيجي بدأت، ولن تتوقف حتى تحقيق الهدف العادل بالقضاء على الهيمنة الأميركية، وإسقاط اقتصاديات اللصوصية التي بنيت عليها “المنظومة الحضارية الغربية” بأكملها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة