البابا فرنسيس يعلن اتهامه “إسرائيل” للمرة الأولى
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
تتزايد الدول والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والشخصيات السياسية والدينية والاعتبارية التي باتت توجه لـ”إسرائيل” صراحةً ودون مواربة بأنها ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة ولبنان، وتخالف أبسط قواعد الحرب والقوانين الإنسانية.
وإذا كانت تلك الاتهامات المثبتة قد بدأت منذ الأسابيع الأولى للحرب، إلا أن مطلقيها كانوا يجازفون بتعرّضهم لاتهامات معاداة السامية، لكن بعد تزايد المجازر الإسرائيلية واستخدامها للأسلحة التدميرية، وتحويل مئات الآلاف من البنى التحتية، بما فيها مراكز الإيواء ومنظومات الإسعاف، والتوسع في عمليات الاغتيال التي لم تستثن حتى الناشطين والصحفيين والإعلاميين، فبتنا نسمع تلك الاتهامات لنتنياهو وحكومته المتطرّفة حتى في المظاهرات التي تشهدها عواصم العالم، بل في تل أبيب ذاتها.
وفي اليونان تضامناً مع لبنان وغزة تم إحراق العلمين الإسرائيلي والأمريكي في مظاهرات يوم الأحد، فتمادي “إسرائيل” جعل شعوب العالم على اختلاف اتجاهاتهم السياسية وانتماءاتهم العرقية والدينية، بما في ذلك اليهود عاجزين عن التستر أكثر على تلك الجرائم غير المسبوقة…
اللافت للانتباه أيضاً أن البابا فرنسيس، بابا الفاتكان الذي كان يكتفي بإقامة الصلوات والدعاء بانتهاء الحرب وعودة السلام، تقدم بخطوات واثقة باتجاه تسمية الأشياء بمسمياتها، واتهام “إسرائيل” صراحةً في جرائم الإبادة بغزة، ولأول مرة، متجاوزاً الحساسية التي يمكن أن تخلقها مثل هذه الاتهامات المباشرة من رجل دين بهذا المقام الروحي الرفيع الذي يحظى باحترام واسع على مستوى الكرة الأرضية.
سيتطرق البابا فرنسيس إلى اتهامات الإبادة في كتاب يصدر الثلاثاء في إيطاليا وإسبانيا، وقد جاء الإعلان عن الاتهام ونشر مقتطفات من الكتاب على وقع تكثيف الغارات الإسرائيلية المدمِرة في غزة، بل على كامل الأرض اللبنانية، بما في ذلك مناطق لا تشكل بيئة حاضنة للمقاومة اللبنانية “وفق التوصيف الإسرائيلي”، وكذلك اغتيال المسؤول الإعلامي في حزب الله بشكل مقصود ومتعمد.
ومع أن الشهيد لم يقتل على جبهات القتال كي تتبرأ “إسرائيل” من جرائمها بحق الصحفيين الذي باتت أعدادهم بالعشرات، وكان استهداف الشهيد محمد عفيف مباشراً تماماً، كما تم قبل أيام وبشكل متعمد استهداف الفريق الفني لقناتي الميادين والمنار في بيت كانوا يأوون إليه ليلاً، وعليه وعلى سياراتهم إشارة واضحة بأنه مقرّ للصحفيين.
إن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومحكمتي العدل والجنايات الدولية وبابا الفاتكيان، وعدداً كبيراً من زعماء العالم، وأطراف وهيئات لا حصر لها باتت تصنف “إسرائيل” ومتزعمي كيانها كخطرٍ يهدّد المنجزات الحضارية والقانونية للبشرية، وهذا شيء مهم، لكنه للأسف لم يعد كافياً.
وحتى استخدام الحروب الناعمة ضد الكيان كقطع العلاقات الدبلوماسية والمقاطعة الاقتصادية تبين أنها لم تردع مجرمي الحرب في تل أبيب وداعميهم في واشنطن من اقتراف المزيد من الجرائم، وبات المطلوب فعلاً اتباع أساليب أكثر تأثيراً لفرملة هذا الإجرام الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، ويشي بارتكاب المزيد في ظلّ عدم استخدام وسائل كفيلة بالردع والمحاسبة والعقاب بما يوازي تلك الجرائم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة