“البوتكس والفيلر” يخترقان قائمة المستوردات الأساسية .. والسوريون يتساءلون: لماذا لا “تجمل” معيشتنا بتحسين الأجور وضبط الأسعار
خاص غلوبال- رحاب الإبراهيم
عندما السير في شوارع مدننا غير “المعبدة” رغم كثرة “الصرفيات” تفاجئك وجوه السوريين “العابسة” بحكم ظروف المعيشة الصعبة، فلطالما كانوا عشاق حياة وفرح، لكنها الحرب ولعنتها، وبالمقابل تفاجئ بدرجة أكبر عند رؤية وجوه متشابهة وخاصة عند النساء وأحياناً بعض الرجال بفعل أطباء تجميل لم يكلفوا أنفسهم بابتكار موديلات جديدة في تصاميم الوجوه وفضلوا تحويل الفتيات الطامحات إلى الشباب الدائم، إلى نسخ مكررة وأن بنسب مختلفة، في مفارقة أخرى لكابوس الحرب، الذي لا يزال يخيم على حياة السوريين ويضيق الخناق على معيشتهم، التي تزداد تأزيماً نتيجة أداء إدارات عاجزة.
هوس سيدات المجتمع المخملي ورجالاته أحياناً ونسبة ضئيلة من محدودي الدخل، اقنع وزارة الاقتصاد على ما يبدو بجدوى إضافة مستلزمات الشباب الدائم من “البوتكس والفيلر” إلى قائمة المستوردات، بعد ما كثرت عيادته، وللأسف أحيان كثيرة يكون المشتغلين فيها لا يملكون الشهادة الطبية والخبرة الكافية، والدليل دفع نساء كثيرات حياتهن أو التعرض لمشكلة صحية قد تؤدي إلى التشوه، ما يعني أن هذا الكار المربح دخل في نفق العشوائية والبارزات بلا حسيب أو رقيب، وعموماً هذه القضية الهامة ليست قصدنا حالياً، وإنما إدراج “البوتكس والفيلر” على قائمة المستوردات في ظل معاناة واضحة في تأمين المواد الأساسية للمعيشة والانتاج والصحة، فاليوم تخصيص كتلة نقدية من القطع الأجنبي لاستيراد مواد كمالية لا تناسب حال بلد منكوب في اقتصاده ومعيشة أبنائه، وهذا يعني استنزاف للقطع من قبل مستوردي هذه المواد، القادرين على استثمار الفرص وجني أرباحاً كبيراً على حساب المواطن والخزينة.
وهناك أمثلة كثيرة على المتاجرة بالقطع والاستفادة من برنامج التمويل، وإذا وافقنا على مضض إلى الحاجة الطبية لهذه المواد، لماذا لا تحدد وزارة الصحة حاجتها بدقة ويترك لمن يحتاجها في التجميل استيرادها من رصيدهم الخاص من دون الاقتراب من القطع المخصص لاستيراد المواد الأساسية منعاً لاستغلال الفرق بين سعر التمويل الرسمي والسوق السوداء، وطالما هناك شكوى دائمة من قلة الموارد وتجاهل معاناة المواطنين لماذا يتم بعزقة القطع الأجنبي على مستوردي مستلزمات التجميل، التي لن تسهم في تجميل الواقع المر.
على مبدأ “المضحك المبكي” اكتسحت موجة ساخرة مواقع التواصل الاجتماعي، في اعتراض واضح من السوريين على قرار السماح باستيراد منتجات البوتكس والفيلر، سيما أن معظم العائلات تعاني ضنك العيش، من دون أن يلقى ذلك بالاً عند الجهات المعنية، التي اكتفت بتمرير بيان توضيحي لوسائل الاعلام في محاولة لتبرير هذا الفعل، الذي سيترك آثاره السلبية على الخزينة عاجلاً أو أجلاً، وخاصة في ظل قدرة بعض التجار على التلاعب والتحايل والاستفادة من هذا “السخاء” الحكومي، وبناء عليه يحق لكل مواطن رفع صوته والمطالبة باتخاذ قرارات تجمل معيشته وترفع مستواها إلى حد يقدر على تأمين احتياجاته من دون ضرب أخماس بأسداس، فطالما هناك قدرة على استيراد مستلزمات التجميل يفترض أن يكون هناك إمكانية لتحسين الدخول المعدومة بدل دعم أهل المال من “كيس” المال العام، فمن حق المواطن الصابر على التشوهات في معيشته نيل بعض الرفاهية والنعيم لتجميل حياته والحصول على بعض الراحة من الركض وراء لقمة العيش والهروب من جور التجار وتفادي ضربات صناع القرار عند إصدار قرارات تخدم أصحاب المال حتى لو جملت بدواع طيبة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة