التاجر يراقب انهيار الفلاح لاستجرار موسم بقول الغاب… خبراء لـ«غلوبال»: كارثة تسويقية تتطلب دور مؤسسات التدخل الإيجابي للحفاظ على سعر متزن
خاص حماة – سومر زرقا
كارثة تسويقية زراعية جديدة يمرّ بها فلاحنا عموماً، وفلاحو سهل الغاب بحماة على وجه الخصوص، فحتى الآن لم تلعب مؤسسات التدخل الإيجابي دورها المأمول في شراء مواسم البقول التي أصبحت برخص التراب، لدى الفلاح، وبسعر مشتعل لدى المحال التجارية في المدن.
وأكد الفلاح محمد أن ربح التاجر ضعفان، أما الفلاح فعليه أن يخسر بشكل متكرّر، فيما أكد الفلاح خالد، أن الفلاح أصبح غير معنيٍّ بتطبيق الخطة الزراعية لفقدانه الثقة بالقائمين على الحفاظ على سعر المواسم الزراعية الذي يقدّر ما دفعه الفلاح من مستلزمات وما يبذله من جهد.
وبالتالي أصبح هم الفلاح الأول البحث عن محاصيل سريعة الربح بغض النظر عن تحقيقها للأمن الغذائي والخطط الزراعية، كما أن الفلاح لم يعد قادراً لوحده على الخسائر ودفع التكاليف في وقت تصل أجرة ساعة التعشيب الواحدة إلى 50 ألف ليرة لعامل واحد، فكيف إذا لزم للفلاح خمسة عمال؟.
ولفت الفلاح أبو إبراهيم إلى أن وزارة الزراعة وعدت الفلاح بمكافأة تسليم قدرها 3 آلاف ليرة عن كل كيلو بقول يسلم للسورية للتجارة، والسؤال هنا، أين تلك المؤسسة، وأين دور المصرف الزراعي الذي من المفترض أن يمول الفلاح لتسليم مواسمه، إن كانت السورية للتجارة تعاني أزمة سيولة، وهل الحل في عدول الفلاح عن زراعة البقول للعام القادم وترك السوق تحت رحمة التجار والمستوردين، وجعل البقول حلماً بما للكلمة من معنىً؟.
وتعليقاً على ما ورد آنفاً، أكد الخبير الزراعي، الدكتور المهندس بسام السيد، في تصريح لـ«غلوبال» أن على الجهات المعنية التدخل لإنقاذ الفلاح حرصاً على استمراره في العملية الإنتاجية، وتكليف المؤسسة السورية للتجارة باستلام الفول والحمص والعدس والبازلاء، والمحاصيل العطرية للحفاظ على أسعارها بأسرع وقت ممكن.
كذلك أكد الخبير التنموي أكرم العفيف أننا نعاني مشكلة في إدارة الموارد، ونلحظ مدى تخبط الأسواق عموماً، وفيما نتحدث عنه اليوم على وجه الخصوص.
وعلى سبيل المثال، وصل سعر كيلو الحمص إلى 35 ألف ليرة، بينما لمجرّد مباشرة الفلاح بجني محصوله هبط السعر نحو 12 ألف ليرة، ومن ثم إلى 9 آلاف، والكمون وصل سعر الكيلو منه إلى 120 ألف ليرة، وعلى غرار الحمص هبط عند بداية الجني إلى 40 ألف ليرة، وينسحب ذلك على الكزبرة واليانسون والعديد من المحاصيل الأخرى.
وحذّر العفيف من ترك السوق يدار بهذه الطريقة من التجار ولصالحهم، ما يكرّس الخلل الذي تعانيه عمليات التسويق داخلياً وخارجياً، مؤكداً أن غياب دور مؤسسات التدخل الإيجابي التي من المفترض أن تلعب دور التاجر الأخلاقي هو السبب الأول في ذلك.
وأوضح أنه على سبيل المثال، يجب على تلك المؤسسات شراء الحمص بسعر لا يقل 18 ألف ليرة، والفول بـ10 آلاف، ومن ثم بيعها للمواطن بسعر متوازن يضمن مصلحة الجميع، وفي الوقت نفسه سيكون التاجر مجبراً على تخفيف نسب ربحه، وامتصاصه لجهد الفلاح عبر إشعاره بوجود منافس قوي له في الأسواق.
ونوّه الخبير التنموي بأن الفلاح بحاجة ماسة لبيع كل موسمه ولا يمكنه الاحتفاظ به وبيعه على دفعات، وذلك ليتمكن من شراء مستلزمات الموسم القادم، وتسديد التزاماته المعيشية في ظل غياب التمويل الزراعي.
وذكر العفيف أنه أجرى مع مصرف الإبداع تجربة لعرض تمويل وقروض على الفلاحين في القرية النموذجية في نهر البارد، حيث أكدوا جميعهم أنهم إذا حصلوا على القرض فلا حاجة لهم في بيع موسم الفول السوداني بالسعر البخس الذي عرضه التجار.
وكان التاجر في حينه يدفع ما لا يتجاوز الـ6 آلاف ليرة بالكيلو الواحد، ولمجرد سماع التجار بتلك المبادرة التي لم تنفذ أساساً، ارتفع سعر الكيلو إلى 14 ألفاً، وهذا يدل على أن التاجر يراقب انهيار الفلاح حتى يبازره على السعر.
كما أكد الخبير التنموي أن استمرار هذا الأمر سينهي قطاع الزراعة برمته، وسنكون عندها أمام كارثة حقيقية بعد أن كانت الزراعة من أهم أسباب صمودنا الاقتصادي على مدى 13 عاماً من الحرب والإرهاب والحصار.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة