“التقريش” عبء علينا!
خاص غلوبال – سامي عيسى
من يراقب الأسواق المحلية في بلدنا، وما يحدث فيها من فلتان في الأسعار، وتذبذب بأسعار الصرف، والبيع على “مزاج ” كل تاجر مهما علا شأنه أو صغر، وما يمارس من عمليات غش واحتكار، ويسمع أنه لدينا حوالي 24 رقابة دون أن ننسى رقابة المواطن والتي تشهد موتاً سريرياً، إلا عند القليل منها تحظى ببعض العزيمة والنخوة تقارع كل ماذكرت، يدرك أن حجم الهوة، بين ما يريده المواطن، وما يفعله أهل التجارة والربح، وجموع الرقابة كبير جداً ويحتاج ليس لمعالجة فقط بل لتأهيل اجتماعي وفكري، قبل الدخول في عمليات التأهيل التجاري، التي تحتاج لإعادة ثقافة الليرة التي تكرس كل الحالة الوطنية الجامعة، بدلاً من التغني بالدولار، الذي يشعل أسواقنا بنار الأسعار، ويربك فعالياتنا الاقتصادية والرقابية وغيرها.
وبالتالي يخلق حالة عدم استقرار في كافة المجالات، إلى أن أصبح الدولار حالة انتماء، ومعياراً أساسياً في المعاملات اليومية انطلاقاً من أعمال التجارة تحت اسم أحاديث الدولرة التي طغت على “مأكلهم وملبسهم” وحتى ضمن حسابات أسرهم، لدرجة أصبح فيها التعامل مع الدولار ثقافتهم المفضلة، ضاربين عرض الحائط ثقافة ليرتنا التي تمثل القيمة المادية والأخلاقية والوطنية، وبماتحمله هذه الكلمة من معنى للمواطن، بشرائحه الاجتماعية المختلفة.
وهذا الأمر ليس وليد أزمتنا الحالية، بل يعود لفترات سابقة احتضنت فئة من التجار تتآمر في الخفاء، وتحقق مكاسبها الخاصة إلى أن جاءت الأزمة الحالية وطفت على السطح، وأصبحت أرضاً خصبة لجشعهم وتكالبهم على قوت المواطن، مستغلين انشغال الدولة وأجهزتها بمكافحة الإرهاب وتخريب العصابات الإرهابية للبنى التحتية وضرب مقومات صمود المواطنين، واضعين أنفسهم ضمن أجندة التآمر والذين نعتبرهم أخطر أدواتها لأنهم لايقلون خطورة عمن حمل السلاح وقتل ودمر، فهم يحاربون الليرة بقوة الدولار وهذه أخطر حرب على اقتصادنا الوطني..؟.
وما يحدث في أسواقنا المحلية، من أزمات سعرية متلاحقة، وعدم استقرار لها بحجج ومبررات بعيدة عن كل واقع، تحت ضغط ثقافة ابتدعوها لتبرير أفعالهم، ألا وهي ثقافة “التقريش ” وفرضها على الأسواق حقيقة لا بديل عنها، بدليل أي عمليات شراء تتم يحسبها التاجر على سعر صرف الدولار بهذه اللحظة، وهنا تاجر الخضر والفواكه والأحذية والملبوسات لا يختلفون كثيراً عن تاجر الذهب لأن الفعل واحد..!.
ونحن بكل تأكيد لا نطلق صفة التعميم، فهناك تجار مازالوا يحافظون على ثقافة الليرة، وهوية التجارة الوطنية، ودولارهم المزعوم لا يعنيهم ولا يعنينا نحن كمواطنين، بقدر ما يعنينا عودة الألق لليرتنا ومنع التعامل بغيرها، والأهم القضاء على ثقافة “التقريش” التي تغلغلت في جسم معاملاتنا اليومية، وأصبحت ثقافة الأمر الواقع..!.
والسؤال أليس من صحوة رقابية تقضي على ثقافة التقريش وتعيدنا الى أمجاد ليرتنا..؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة