الجهات الحكومية لم تتفاجأ بتوقف شركة سكر الغاب!
خاص غلوبال ـ علي عبود
نجزم بأن الجهات الحكومية لم تتفاجأ بتوقف شركة سكر الغاب، لأنها لم توفر خلال الأشهر الماضية المستلزمات الكافية والوافية لإنتاج مالا يقل عن 225 ألف طن من الشوندر، أي الحد الأدنى للتشغيل الاقتصادي للشركة.
وبدورنا لم نتفاجأ بتراجع وزارة الزراعة عن وعودها للفلاحين، وتوقعنا استناداً إلى ما حصل في السنوات الماضية مع عدة محاصيل ألا تترجم الوزارة أقوالها وقناعاتها إلى خطط تنفيذية، فبتاريخ 23/7/2022 أعلن الدكتور أحمد دياب مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة (أن التسعيرة المبكرة لمحصول الشوندر السكري لموسم 2022- 2023 جاءت لتؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لهذا المحصول وضرورة إعادة زراعته بمساحات تتوافق والموارد المائية والأرضية المتاحة في مناطق الإنتاج، والسعي باتجاه تأمين المادة الأولية لصناعة السكر بما يخفف من فاتورة استيراد هذه المادة وتكاليف استيرادها).
لكن ماحصل هو العكس تماماً، لقد توقعنا أن لدى وزارة الزراعة رؤية متكاملة لإعادة الاعتبار لمحصول الشوندر السكري، وبأن الحكومة وعدتها بتأمين مستلزمات زراعة المحصول، وبإقرار تسعيرة تتوافق مع التكاليف الحقيقية والرائجة، لكن ماحصل كان متناقضاً تماماً مع التصريحات والوعود الوهمية!.
لايمكن لوزارتي الزراعة والصناعة الزعم بأنهما تفاجأتا بهزالة مردود محصول الشوندر، فقد أعلنها الفلاحون بوقت مبكر من هذا العام (لن نزرع الشوندر في منطقة الغاب لكونه غير مجدٍ اقتصادياً بالنسبة إلينا)!.
ويبدو أن هذا الإعلان التحذيري لم يصل إلى آذان المعنيين بوزارة الزراعة، ولم يتمكن من الوصول إلى قاعة اجتماعات اللجنة الاقتصادية، أو أن لا الوزارة ولا اللجنة ولا حتى رئاسة الوزراء من خلال مذكرات وكتب التنظيم الفلاحي صدقوا أن أهالي الغاب سيرفضون زراعة الشوندر في موسم 2023 بعد الخيبات والصفعات التي تلقوها في المواسم السابقة.
كان يجب على اللجنة الاقتصادية أن تجيب عن سؤال واحد فقط: ماالحوافز والمغريات التي وفرناها أو سنوفرها لاحقاً كي نشجع الفلاحين على زراعة الشوندر؟.
لو طرح وزير الزراعة هذا السؤال المهم في اللجنة الاقتصادية، أو في اجتماع مجلس الوزراء المخصص لتنفيذ الخطط الزراعية لاكتشفوا جميعاً بأن التجارب السابقة للفلاحين مع الشوندر لم تكن مشجعة، فتكاليف زراعته أكبر بكثير من مردوده، والخسائر التي تحملوها منفردين ناجمة بفعل رفض الحكومة عن دعم مستلزمات زراعة الشوندر أو توفيرها من بذار وسماد ومازوت ومياه في أوقاتها المناسبة.
وأعلنها التنظيم الفلاحي مراراً: تكبد مزارعو الشوندر في المواسم الماضية خسائر فادحة انعكست سلباً على حياتهم المعيشية وتأمين الحد الأدنى من سبل العيش لأسرهم.
وهاهو رئيس اتحاد فلاحي حماة حافظ السالم يقول في تصريح يحمل الكثير من الدلالات بتاريخ 7/6/2023 مفسراً أسباب عزوف الفلاحين عن زراعة الشوندر السكري في المحافظة: لم يلق المحصول القبول عند الفلاحين لكونهم عانوا كثيراً في المواسم الماضية، وخصوصاً في تأمين احتياجات المحصول الذي تعاقدوا عليه مع شركة سكر تل سلحب، نتيجة عدم اهتمام الحكومة كما يجب، لتشجيعهم على زراعة هذا المحصول الاستراتيجي المهم جداً فالجهات المعنية لم تلتزم مع الفلاحين بتأمين المحروقات والأسمدة..الخ.
وقالها جازماً: إنتاج المساحات التي زرعت بالشوندر هذا العام سيحول علفاً للثروة الحيوانية، ولا ندري إن كانت اللجنة الاقتصادية اكتشفت فجأة بأن محصول الشوندر هزيل جداً فقررت عدم تشغيل شركة سكر الغاب لهذا العام، أم إنها بالأساس لم تتفاجأ بالكميات الهزيلة بفعل تريثها بتأمين مستلزماته بأسعار مدعومة مثلما تريثت بتأمين المجففات فخسرنا محصول الذرة الصفراء الاستثنائي الموسم الماضي.
ونفترض بأن اللجنة الاقتصادية من خلال وزيري الزراعة والصناعة تعرف مسبقاً بأن شركة سكر الغاب تحتاج إلى مالايقل عن 250 ألف طن شوندر كي تفتح دورة إنتاجية لتكرير السكر.
الخلاصة: لم تتفاجأ الجهات الحكومية بتراجع إنتاج محصول الشوندر، ولا بتوقف شركة السكر، فالحل البديل جاهز لديها دائماً : نشتري كيلو الشوندر بمبلغ أقل من تكلفته، ونحوّله إلى علف للماشية، ونوافق للتجار على استيراد حاجة السوريين من السكر بالقطع الأجنبي.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة