الحرب الأوكرانية تزعزع عرش الدولار!
خاص غلوبال ـ علي عبود
لم تتوقع أمريكا أن تفجيرها للحرب في أوكرانيا ضد روسيا بهدف تقسيمها ستزعزع عرش الدولار المهيمن على الاقتصاد العالمي.
بعد أشهر من هذه الحرب الأطلسية التي رافقتها عقوبات غير مسبوقة على روسيا، اكتشفت أمريكا أن الاحتياطيات العالمية للدولار بدأت تتعرض لسلسلة من الضربات ما أدى إلى معدلات دين غير مسبوقة للولايات المتحدة الأمريكية.
وما لم تتوقعه إدارة بايدن أن تطورات الحرب التي تزامنت مع جهود عدد من الدول لزيادة حجم التجارة بعملاتها المحلية، انعكس سريعاً على تدهور وضع الدولار كعملة مهيمنة على الاقتصاد العالمي.
وقد لاحظ المستشار السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، جيمس ريكاردز، بأن مجموعة دول بريكس “تتجه إلى إنشاء عملة تجارية احتياطية جديدة يمكن أن تكون بمثابة بديل للدولار الذي من المتوقع أن يبدأ في التراجع عن فرض هيمنته خلال فترة قصيرة”.
ولم تكن مصادفة إعلان قادة “البريكس” في القمة التي عقدوها يوم 22 /8/2023 في جنوب إفريقيا عن أهم تطور يشهده النظام المالي الدولي منذ عام 1971، وهو العام الذي شهد خروج الولايات المتحدة من نظام الذهب الدولي.
وتنبأ المسؤول الأمريكي السابق أن يشهد العالم هذا التحول من هيمنة الدولار إلى عملة رئيسية جديدة خلال بضع سنوات، وهو ما قد يحدث بطرح عملة رئيسية جديدة يمكنها أن تضعف دور الدولار في المدفوعات العالمية وتحل محله في نهاية المطاف.
ويرى خبراء أن العملة الجديدة التي لن يتأخر صدورها، قد تكون ورقية أو رقمية، ستحدث ثورة مالية عميقة وغير متوقعة وستتسبب بصدمة جيوسياسية قد لايكون العالم مستعداً لها، وخاصة بعد انضمام السعودية لمجموعة “بريكس” التي تعتبر حجر الزاوية في نظام البترو دولار، الذي كان حتى تحوّل دول “بريكس” وغيرها إلى التبادل التجاري بعملاتهم المحلية، يضمن استقرار وضع الاحتياطي العالمي للدولار.
وما يعزز فقدان الدولار لهيمنته أن دول “بريكس” الحالية تمثل 30 % من مساحة العالم والموارد الطبيعية، و 50 % من إنتاج القمح والأرز العالمي، و15% من احتياطيات الذهب على كوكب الأرض، و40% من سكان العالم..الخ، وبالتالي فعندما ستطلق دول “بريكس” عملتها الجديدة، فإنها لن تكون خطوة عبثية، بل سيتم دمجها في شبكة متطورة من رؤوس الأموال، الأمر الذي من شأنه أن يعزز بشكل كبير فرص نجاح تلك العملة على المستوى العالمي.
ويتوقع الخبراء أن تكون عملة “بريكس” مرتبطة بسلة من السلع التجارية، أو بالذهب، ولا يعتقدون أنها ستكون متاحة في شكل نقود ورقية للمعاملات اليومية العادية، بل ستكون عملة رقمية تحتفظ به مؤسسة مالية جديدة في مجموعة “بريكس”.
والمهم في هذا التحول ماقاله “أشرف باتيل” الباحث البارز في معهد الحوار العالمي وعضو شبكة “بريكس” في جنوب إفريقيا “إن العملة الاحتياطية المقترحة من قبل مجموعة دول بريكس يمكن أن تضمن الاستقرار الاقتصادي العالمي من خلال حماية الدول من العقوبات الغربية والأزمات المالية”، أيّ ان دول “بريكس” ستنزع خلال أمد قصير سلاح العقوبات من أمريكا، وسيحرر العالم من هيمنة الدولار إذ يمكن للعملة الاحتياطية لدول “بريكس” أن تمنح السلع المنتجة في بلد واحد إمكانية الالتفاف على القيود التجارية بين دولتين من خلال تصديرها إلى بلد ثالث ثم إعادة تصديرها منها.
الخلاصة: سبق العملة البديلة قيد الصدور، إطلاق بنك التنمية الخاص بدول “بريكس”، وانضمت إليه في العام الماضي مصر والإمارات وبنغلادش، وتسعى الصين لبناء اليوان كعملة تجارية، وأطلقت روسيا من جانبها نظام الدفع الدولي “مير” تحسباً لحظر تعاملاتها على نظام سويفت الأمريكي، وتستخدم أكثر من 10 دول هذا النظام، مايعني أن الحرب الأوكرانية لم تزعزع الاقتصاد الروسي بل زعزعت عرش الدولار.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة