السويداء خارج بازارات التآمر
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
مر زمن وبعض الفئات في عدة مناطق بالسويداء تقوم بأعمال احتجاج بين الحين والآخر، وسط محاولات إدخال أحداثها في البازار السياسي من معارضي فنادق الخمس نجوم الذين يقتاتون على مآسي السوريين في الداخل والخارج، ويلعقون الأحذية كي تزيد واشنطن ودول الغرب عقوباتها على الشعب السوري، ويعيقون التقدم في مسارات الحلول السياسية.
لعل ما يلفت الانتباه إشادة ما يسمى بالائتلاف المعارض بسلمية الحراك في محافظة السويداء، والتي تؤكد حسب إدعائه أن الأحداث الدامية التي عاشتها سورية في السنوات الماضية هي”سلمية”.
وهذا الكلام لا يمكن لأحد أن يسوقه على السوريين لأن عدم تطور الاحتجاجات في السويداء إلى الأسوأ ليس سببه “السلمية”، وإنما لأن المحتجين في السويداء يدركون أنهم الأقلية في منطقة مثلت في الماضي ولاتزال عمقاً وطنياً يؤمن باختلاف الاتجاهات السياسية لكنه يرفض التآمر على الوطن.
وبأن الدولة السورية لا يمكن أن تلجأ للعنف ضدّ من لا يحمل السلاح، ولأن لها ثقة لا تتزعزع بقيادات بني معروف السياسية والدينية الذين تعاملوا أيضاً بحكمة وروية مع هذه الظاهرة التي ليس مسموحاً لها وفق قناعاتهم الراسخة أن تتحول إلى مكسر عصاً للدولة السورية التي لم تبخل عن مد المحافظة بكل احتياجاتها، وتجاوزت العراقيل التي حاول بعض المحتجين وضعها ذريعةً لإثارة الشك لدى الشرائح الأوسع من أهالي المحافظة الذين يعتبرون الرابط الوطني هو الأول وقبل كل شيء.
إن من يدعون المعارضة يتجاهلون أن فورتهم لم تكن سلمية، وأن مسلحيها قد حملوا السلاح من الأيام الأولى، وقتلوا رجالاً من الأمن والجيش، واغتالوا علماء، ومثلوا بأجساد الأبرياء، ونفذوا تعليمات غرف العمليات السوداء التي شاركت بها أمريكا و”إسرائيل”.
إن متاجرة ما يسمى بالائتلاف بمظاهرات سلمية لا يمكن أن يمحو الجرائم التي تم ارتكابها من قبل أولئك الذين نفذوا خطط الأعداء ودمروا اقتصاد البلاد وقتلوا خيرة أبنائه من المدنيين والعسكريين، واستعانوا بدعم الغرب وإرهابيي الأرض لتهديم الدولة و”الجلوس على تلة خرابها”.
هذا كله يتطلب ممن يتاجرون بتآمرهم ضدّ الشعب والوطن أن يستفيقوا من الوهم الذي حاول الغرب تسويقه في الهشيم العربي الذي لم يكن هدفه نشر الديمقراطية، وإنما نشر الفوضى وتقويض الدول الوطنية وإفقار الشعوب وإشعال الحروب.
والدليل أن الغرب الذي منح أوكرانيا و”إسرائيل” مئات مليارات الدولارات لاستمرار الحرب، يتصدق ببعض الملايين من الدولارات لضحايا تآمرهم وحروبهم التي يشنونها بالوكالة أو الأصالة.
إن مايزعج الغرب وعملاءه أن الاحتجاجات في السويداء بقيت تفتقر إلى عمق شعبي، وأن مؤسسات الدولة ومدارسها ومشافيها ودوائر خدماتها وطرق مواصلاتها لم تتعطل ولو ليوم واحد، وأن إراقة الدماء التي يتعطشون لحدوثها للابتزاز السياسي والتضليل الإعلامي لم ولن تتحقق.
مع التأكيد هنا على أن تحسين الظروف المعيشية هو هاجس للجميع، لكن تحققه مرتبط بالدور الأمريكي القذر الذي يحرم الشعوب من خيراتها ويسرق موارد الدول ويفرض العقوبات التي تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان التي يتشدّقون بها.
دول غربية كثيرة أعادت النظر بمواقفها المعادية لسورية، وصححت ذلك بإعادة علاقاتها الدبلوماسية معها، وتحرّرت من ضغوط واشنطن، فمتى يعود معارضو الخارج إلى رشدهم ويتوقفون عن التآمر ضد هذا الوطن؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة