السياسات الثقيلة وأثرها!
خاص غلوبال – هني الحمدان
ليست أزمة الاقتصاد الحالية هي الوحيدة التي ستواجهها الحكومة، بل هناك أزمات أخرى متشابكة ومتداخلة، كلها يستلزم الدخول بتفاصيلها لوضع معالجات و”ملطفات” حلول لو تقريبية لها.
هناك دول واجهت مشكلات وتحديات كبرى، لكن تفاعلت ووجدت مخارج نجاة مخففة لتلك التحديات، وانتقلت إلى ضفة الاستقرار والأمان الاقتصادي، وتالياً قللت من وطأة الأزمات وتداعياتها على مواطنها، فمن الأزمات ما دفع بعض الحكومات لاتخاذ قرارات وسياسات لمعالجة المشكلات الطارئة أيضاً، ومنها مااتخذ بعض القرارات التي كان أثرها ثقيلاً، وأطلق عليها تسمية “سياسات ثقيلة” على المجتمع والأفراد، إلا أنها ضرورية لمواجهة بعض الأزمات، والحد من تداعياتها، ومع أهميتها القصوى، إلا أن قياس أثرها على المجتمعات أكثر أهمية، للحد من المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تسهم في تدمير المجتمع المستهدف بالحماية من تلك الإصلاحات.
كثيراً ما تلجأ الخطط إلى بعض القرارات غير المستساغة، لكنها ضرورة، واليوم أمام حكومتنا تحديات صعبة، وبيانها الأولي يدل وبكل وضوح تام على مدى ضخامة التحديات، ويفتح الأبواب واسعاً أمام القطاعات للاستثمار في قطاعات عامة كانت بالأمس القريب تتمتع بخاصية الحمائية المطلقة، لكن اليوم لم يعد لتلك الشعارات نفع، والظروف تلزم فتح كل نوافذ الاستثمار لتحقيق الإنتاج، ولا تمييز بين قطاع وآخر، فالكل معني بالعمل والإنتاج، لكن الخشية هنا التي يجب على راسم القرار وبرامج تنفيذه، أن ينتبه ويستوجب استشراف الأثر المجتمعي لجميع القرارات والسياسات الاقتصادية قبل تطبيقها ومراجعتها بعد التطبيق، وألا تترك لخبراء المال والمسؤولين عن الميزانيات العامة الذين ينصب تركيزهم فقط على التدفقات المالية الداخلة للخزينة بمعزل عن الانعكاسات المجتمعية وقدرة الأسر و الأفراد على تحملها.
بعض السياسات المالية، وإن أحيطت بقناعة الخبراء، ونتجت عنها إيرادات جيدة، ربما تتسبب بأضرار أكبر للاقتصاد، ومشكلات مختلفة للمجتمع، وتكلف الخزينة مستقبلاً ضعف ما نتج عنها من إيرادات لمعالجة تداعياتها.
أعتقد أن أكثر ما يستوجب دراسته وتحليله في قرارات الأزمات المالية، أثر تداعياتها على المجتمع، تكلفة المعيشة وشريحة الفقراء ومحدودي الدخل وباقي شرائح المجتمع، منظومات مجتمعية قد لا يتسنى لمتبني السياسات الحادة ملاحظتها حين اتخاذ قراراتهم المالية، إلا أنها أكثر وضوحاً للمسؤولين الذين يؤمنون بأن حياة المجتمع ومعيشته أولوية لا يمكن تجاوزها، أوتجاهلها في قياس أثر السياسات الاقتصادية عموماً.
الظروف صعبة، في ظل عدم وجود بحبوحة الخيارات أمام الحكومة التي جاءت بهدف إجراء تغييرات منطقية تراعي أثر كل إجراء قد ينعكس على مواطن، لم يعد يتحمل “لطمة ” جديدة!.
الواقع ياسادة ليس براقاً ولا سوداوياً قاتماً، بل ببعض السياسات والمبادرات وإطلاق يد القطاعات الخاصة والمشاركة ورؤوس الأموال الوطنية للتحرك بعيداً عن أي إجراءات بيروقراطية، من شأنها أن تغير من المعادلات إيجابياً، وهذا هو المأمول.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة