“الشنكليش” يختفي عن السفرة… خبيرة بشؤون المرأة الريفية بطرطوس لـ«غلوبال»: عودة منتجات مشتقات الحليب بحاجة لقروض تنموية
خاص طرطوس – رفاه نيوف
لم تبقَ أكلة “الشنكليش أو السوركي“ بمنأى عن الارتفاع الجنوني لأسعار مشتقات الحليب، ولم يشفع لها بأنها من المأكولات الشعبية التراثية في الساحل السوري، والتي شكلت على مدى عقود طويلة الطبق الرئيس لوجبتي الإفطار والعشاء لدى معظم الأسر الريفية.
ذاع صيت هذا الطبق المعد من لبن البقر أو الماعز لدى كل من يزور الساحل لمذاقه الشهي، وباعتباره صنفاً من المقبلات ليصبح أول الأطباق المطلوبة حتى بالمطاعم.
ومع التراجع الكبير في أعداد الثروة الحيوانية في القرى الجبلية، وأهم أسبابها كما أكد الثمانيني محمد علي لـ«غلوبال» عزوف أهالي القرى الجبلية عن تربية المواشي منذ تسعينيات القرن الماضي،إذ فهموا الحضارة بالتخلي عن تربية المواشي، والتي كانت تشكل مصدر رزق أساسي لكل عائلة، لما توفره من غذاء يومي للعائلة، وما يزيد يتم بيعه وبالتالي وجود مصدر دخل ثابت.
وأضاف علي: في ظل تربية المواشي لم يشعر أحد من السكان بالفقر لأن منتجاتها من الأحبان والألبان والشنكليش تغطي حاجة الأسرة وتزيد، ويعتبر الشنكليش من المؤون الأساسية لكل منزل خلال فصل الشتاء.
وتابع علي: اليوم بات أهل القرى يشتهون قرص الشنكليش وأصبح بعيد المنال لينضم إلى قائمة الممنوعات، حيث تجاوز سعر كيلو الشنكليش اليوم المئة ألف ليرة، وبات كغيره حكراً على الميسورين.
من جهتها، أكدت المهندسة كوكب خضور الخبيرة بشؤون المرأة الريفية لـ«غلوبال» بأن الشنكليش كان وما زال من أشهر المأكولات المصنعة من اللبن في الجبال الساحلية، وكان كل منزل يعمل منذ بداية فصل الصيف على إعداد مؤونة الشنكليش للشتاء الطويل في تلك المناطق، والذي يؤكل إلى جانب الزبدة البلدية أو زيت الزيتون ويشكل غذاء هاماً للسكان.
وأضافت خضور: استمرت الأسر الريفية بتموين الشنكليش لعقود، وبدأت بالتراجع خلال العقد الأخير نتيجة هجرة الفلاح لأرضه وابتعاده عن تربية المواشي، ولكن اليوم نرى أن الكثير من الأسر الريفية عادت إلى اقتناء الأبقار والماعز لرفد دخلهم الذي لا يكفيهم لأيام، وباتوا على قناعة تامة بأن العودة لتربية المواشي وزراعة الأرض، وأن يأكلوا مما ينتجوا ويزرعوا، هما السبيل الوحيد لإنقاذهم من الفقر وضيق الحال.
وبحسب خضور فإن العائق الذي يقف في طريق عودة التربية إلى سابق عهدها الارتفاع الكبير في الأسعار، إذ وصل سعر رأس البقر الحلوب ما بين 25- 50 مليون ليرة ومثلها للعجول، وتجاوز سعر رأس الماعز 5 ملايين ليرة، وبالتالي عدم قدرة الفلاح على اقتناء رأس بقر أو ماعز اليوم في ظل الأسعار الحالية.
واقترحت خضور ضرورة دعم الفلاح من خلال تقديم قروض تنمية خاصة لشراء الأبقار والماعز، وبذلك ندعم الفلاح ونعزز تمسكه بقريته وأرضه، من خلال تأسيس مشروعه الصغير الخاص به.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة