خبر عاجل
هل باتت الحلاقة من الكماليات ودخلت في بازار “الفشخرة”… رئيس جمعية المزينين بدمشق لـ«غلوبال»: التسعيرة الجديدة عادلة تركة ثقيلة وحياة المواطن على المحك! الركود يهزم الأسواق وانخفاض في كميات الإنتاج… الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان لـ«غلوبال»: العزوف عن الشراء ساهم في ثبات الأسعار محمد خير الجراح: “الأعمال التركية المُعرّبة حلوة بس مافيها روح” ماس كهربائي يودي بحياة أم وابنتها بقرية كفرفو بطرطوس… رئيس بلدية الصفصافة لـ«غلوبال»: حين وصول الإطفائية كانتا في حالة اختناق إرهابٌ سيبراني متصاعد لإبادة المدنيين مناقشةتحضيرات الموسم الجديد… رئيس دائرة التخطيط بزراعة الحسكة لـ«غلوبال»: الموافقة على عدد من المقترحات للتسهيل على الفلاح وزارة الخارجية والمغتربين تدين الاعتداء الصهيوني على الضاحية الجنوبية في لبنان جهود لحفظ الملكيات وتسهيل الرجوع إليها… مدير المصالح العقارية بحماة لـ«غلوبال»: بعد إنجاز أتمتة سجلات المدينة البدء بأتمتة المناطق عبر شبكة “pdn” تعديل شروط تركيب منظومات الطاقة الشمسية في دمشق… خبير لـ«غلوبال»: على البلديات تنظيم الشروط والمخططات ووضع معايير بيئية وجمالية
تاريخ اليوم
خبر عاجل | رأي و تحليل | نيوز

الضربة القاضية لنهج ”الأولوية للزراعة“؟!

خاص غلوبال – علي عبود

يمكن وصف قرار شراء القمح الأخير بأنه الضربة القاضية لنهج ”الأولوية للزراعة“ والإنحياز الكامل لنهج الأولوية للإستيراد، فكان سعر شراء كيلو القمح 20 ليرة في موسم 2010، ارتفع ”نظرياً“ إلى 2300 ليرة في موسم 2023 أي إن الزيادة كبيرة جداً جداً تبلغ 2280 ليرة، أو 115 ضعفاً خلال 13 عاماً، ومع ذلك لا المنتج راضٍ، ولا اتحاد الفلاحين راضٍ، ولا الاقتصاديون المدافعون عن دعم الإنتاج الزراعي راضون، فلماذا هذا ”الجحود“ المفرط ضد الكرم الحكومي؟!.

لايخفى على أحد أن هذه الزيادة وهمية، لذا الجميع يراها هزيلة، وستتسبّب مثل المواسم السابقة بتراجع إنتاجنا من القمح وغيره من الحبوب، كرمى عيون قلة من المستوردين المتنفذين الذين ”يشفطون“ المليارات على مدار العام.

لو أن سعر الصرف لم يتدهور بين عامي 2010 و 2023، لما قامت الحكومة بتسعير شراء كيلو القمح الواحد هذا العام بمبلغ 2300 ليرة، فالحكومات السابقة خلال 1990 ـ 2010 بالكاد كانت ترفع سعر شراء القمح بضع ليرات كل عدة سنوات، عندما كان سعر الصرف ثابتاً لايتجاوز 47 ليرة، وكان السعر آنذاك مجزياً مع تأمين مستلزمات زراعة الحبوب بأسعار مدعومة، أثمرت عن حصاد مالايقل عن 4 ملايين طن قمح سنوياً.

السؤال الآن: لماذا يتراجع إنتاج القمح إذا كانت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 تزيد فعلاً سعر شراء القمح إلى أن وصل حالياً إلى 18 ضعفاً عمّا كان عليه في عام 2010، وبالكاد تتمكّن الحكومة من شراء 500 ألف طن سنوياً.

الحكومة الحالية مثل الحكومات السابقة أدرى من غيرها أنها لم ولن تزيد سعر شراء القمح وغيره من الحبوب ومحاصيل الأعلاف، لأنها ليس في وارد تقديم الدعم الفعلي للقمح إلى حد يُمكن أن يُغضب المستوردين ”المتنفذين“، بل السؤال: هل من خطط حكومية أساساً لتفعيل نهج ”الأولوية للزراعة“؟.

كان سعر شراء كيلو القمح في عام 2010 يساوي 42.5 سنتاً أمريكياً انخفض في موسم 2023 إلى 35.2 سنتاً بسعر الصرف الجديد ”6532 ليرة“.

كما نلاحظ أن الحكومة خفّضت سعر شراء القمح، وغيره من المحاصيل الزراعية الأساسية، أي عكس ماتروج له في الإعلام والخطابات الرسمية، والسؤال الذي ننتظر إجابة رسمية عنه من وزارة الزراعة بشكل خاص: ما أسباب تخفيض شراء الحبوب من المنتجين؟.

ترى هل لفت وزير الزراعة نظر واهتمام المجتمعين في جلسة مجلس الوزراء يوم 18/4/2023 قبل إقرار سعر شراء قمح موسم 2023 بأن التخفيض المستمر لأسعار شراء المحاصيل الأساسية التي تنتج السلع الغذائية لملايين الأسر السورية سيقضي على المحاصيل الاستراتيجية بالضربة القاضية إلى أمد غير منظور؟.

وقد يكون السؤال الأكثر دقة، والذي كان على وزير الزراعة طرحه في جلسة مجلس الوزراء: لمصلحة من سوى قلة من المستوردين المتنفذين، تُخفّض الحكومة سعر شراء محاصيل إستراتيجية كالقمح والشعير والأعلاف؟.

إذا أردنا مناقشة اقتصادية بحتة لتخفيض شراء سلعة ما، فإن التخفيض وارد في حال زادت القوة الشرائية لليرة السورية، أو انخفضت مستلزمات الإنتاج، أو قامت الحكومة بتوفيرها بأسعار مدعومة كما كانت الحال في تسعينيات القرن الماضي؟.

وبما أن مامن حكومة خلال العقد الأول من القرن الحالي اهتمت بدراسة أسباب تراجع مخزوننا الإحتياطي من القمح من 5 ملايين طن في عام 2003 إلى أقل من 2 مليون طن عام 2008 لنتحول من حينها إلى بلد مستورد للقمح، فحتماً لن تكترث أي حكومة في الأمد المنظور بتفعيل نهج ”الأولوية للزراعة“ الذي أمدّ سورية بقوة اقتصادية لن تتحقق أبداً باعتماد نهج ”الأولوية للاستيراد“!.

لقد توقفنا مطولاً عند عبارة ”وجاء تحديد هذا السعر نتيجة حساب دقيق لتكلفة الإنتاج الحقيقية في ظل الدعم المقدم للقطاع الزراعي من بذار ومحروقات وأسمدة، وبما يضمن هامش ربح للفلاح بنسبة 35 بالمئة لكل كيلوغرام، وذلك بهدف التشجيع على تسليم المحصول واستجرار أكبر كمية ممكنة من الإنتاج“!.

نستنتج ”نظرياً“ من هذا التصريح أن تكاليف الإنتاج الحقيقية من محروقات وأسمدة وأدوية وأجور فلاحة ونقل انخفضت بنسب كبيرة جداً، وبأن الحكومة توقفت عن بيعها للمنتجين بالأسعار الرائجة، وقررت بيعها بأسعار مدعومة جداً، لذا اتخذت قرارها الجريء بخفض سعر شراء القمح عما كان عليه منذ 13 عاماً، وهذا استنتاج من نسج الخيال لايمت للواقع بأي صلة؟.

وإذا كان هامش الربح المحقق للفلاح لايقل عن 35 % لكل كيلوغرام بعد ”التخفيض“ الجديد في تسعيرة شراء القمح، فهل هذا يعني أن مستلزمات الإنتاج في عام 2023 انخفضت بنسب كبيرة عن مثيلتها في عام 2010 ؟.

أما أننا نقرأ الواقع ”خطأ بخطأ“ أو أن لدى الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 رؤية متكاملة لمستقبل الزراعة في سورية أخفقت بترويجها، وبإقناعنا بأن نتائجها لم تدمر حياة ملايين السوريين إلى حد لم يعد معظمهم يقوى على تأمين مادون الحد الأدنى للعيش السليم عقلياً وجسدياً. وبدلاً من أن يساير التنظيم الفلاحي التسعيرة المنخفضة للقمح عن مثيلتها في عام 2010، ويأمل من الحكومة بإقرار مكافأة لتسويق المحصول في المؤتمر العام للحبوب المقبل، ننتظر أن يستجوب ممثليه في مجلس الشعب المسؤولين لنحصل على جواب سؤال واحد فقط: ما أسباب تخفيض سعر شراء القمح في موسم 2023 ولمصلحة من هذا التخفيض؟

طريقك الصحيح نحو الحقيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *