العالم يدعو للتهدئة وواشنطن لمزيدٍ من التصعيد
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
جدد الاتحاد الأوروبي على لسان منسق شؤونه الخارجية بوريل دعوته لـ”إسرائيل” لوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات لإطلاق الأسرى، كذلك لم يتأخر الرئيس الفرنسي ماكرون عن الدعوة لهذه الخطوة التي يمكن أن تنزع فتيل الأزمة وتجنب المنطقة انفجاراً خطيراً يوسع دائرة النار في كامل الإقليم، مشكلاً صعوبات كثيرة للسيطرة على تبعات ما قد يحصل.
وبالتأكيد فإن الجميع بات يدرك أن القضية الفلسطينية هي لبّ المشكلة، وأن وقف حرب الإبادة على قطاع غزة هو السبيل لتبريد التوتر وفتح أبواب التفاوض المباشر أو غير المباشر بشأن الردود المتوقعة على الجرائم التي ارتكبتها “إسرائيل” ضد لبنان وطهران ودول الجوار، وضد القوانين الدولية.
رغم كل تلك المساعي العالمية شبه الموحدة لإعمال العقل فإن أمريكا وحدها تعمد إلى السير بعكس الاتجاه العالمي نحو التهدئة المنشودة، وما زيارة قائد القوات المركزية الأمريكية لـ”إسرائيل” وللمرة الثانية خلال أسبوع مع الإعلان عن وصول أسراب من طائرات، إف- 22، إلى جانب الأساطيل وحاملات الطائرات التي زجّت بها أمريكا في المنطقة، والإعلان عن صفقات أسلحة وذخائر للكيان، ما هي إلا تحريض لحكومة الحرب الإسرائيلية على الاستمرار في عدوانها وتوسيع براثنه على لبنان وسورية واليمن، مع التهديد بتنفيذ ضربة استباقية لإيران، وتجهيز أماكن للمستوطنين الإسرائيليين المتوقع نزوحهم إذا اشتعلت جبهة شمال فلسطين المحتلة مع المقاومة اللبنانية.
ووفق هذه المعطيات لا يمكن لأحد أن يصدّق أن أمريكا تضغط على “إسرائيل” لاستئناف المفاوضات ووقف إطلاق النار في غزة، بل على العكس تحاول الضغط على أصحاب الحق في الردّ لمنعهم عنه، كما تلوّح بمزيدٍ من العقوبات على إيران، إن مارست حقها الذي تكفله كل المواثيق الدولية.
سبعون يوماً ونيف انقضت على مبادرة الرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ولم تسفر حتى الآن إلا عن توسيع مستمر لساحات الصراع وعن إعلان جديد من قبل حكومة العدوان في تل أبيب عن نيتها في إرسال وفد للتفاوض في منتصف الشهر الحالي، وسط تكهنات برفض نتنياهو لكل المبادرات، ورفضه أيضاً لما تعهد به من قبل.
إذاً فالمسألة باتت واضحة إلى درجة تبهر المتابعين من هذا الإصرار الأمريكي على الاشتراك الفعلي في تنفيذ الجرائم الإسرائيلية والتغطية عليها، وهذا الموقف الأمريكي العدواني لا يمكن الحدّ منه إلا بردود فعل موازية تهدّد مصالح واشنطن، ومن خلال الأطر التي تحدّد العلاقات بين الدول، وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة، ولا يجوز أن تحصل أمريكا على كل ما تريد من دول المنطقة في وقت هي شريك، بل محرّض على العدوان عليها، والداعم الأكبر للكيان الذي يهدّد هذه الدول برمتها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة