القمة السورية التركية بين الممكن والمستحيل
خاص غلوبال- محي الدين المحمد
يبدو أن التوقعات التي أبداها البعض بأن يشهد شهر آب الحالي قمة سورية- تركية قد تضاءلت، وخابت ظنون البعض الآخر في مسألتين، الأولى من كان يظن أن سورية يمكن أن تساوم في حقوقها التي يضمنها ميثاق الأمم المتحدة، والمتعلقة بوحدة وسيادة الأراضي السورية، والثانية، تتلخص بأن البعض يدعي أن إيران تمانع تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
هذه القضايا لم تعد مثاراً للأخذ والرد بعد الخطاب الذي ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب، الأحد 25 آب، حيث تحدث بشيء من التفصيل حول ما يثار عن العلاقات السورية- التركية، موضحاً أن سورية متجاوبة مع الجهود الروسية والإيرانية والعراقية المبذولة في الوساطة بين البلدين.
وأن دمشق ليس لها في هذا المجال شروطاً مسبقة، وإنما لها حقوق يجب أن تحافظ عليها مبادئ حسن الجوار، والتي تتلخص بعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم الاعتداء واحتلال الأراضي بغض النظر عن الذرائع لأنها لا تغير في قداسة العلاقات الثنائية بين الدول المبنية على المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما.
لقد كان كلام الرئيس الأسد واضحاً لجهة أن الوساطة قائمة، وأن المضي قدماً في إنجاح المبادرة، وعقد لقاء القمة السورية- التركية يفقد أهميته إذا لم تعالج الأسباب التي أدت للقطيعة بين البلدين، وأن يكون هناك مرجعية للقاء.
وفي حال غياب المرجعية عندها لن يختلف اللقاء في نتائجه عن اللقاءات التي عقدت بين الجانبين السوري والتركي على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، والتي في مجملها كانت إيجابية استناداً إلى التصريحات والبيانات الختامية، لكنها لم تثمر عن نتائج يترقبها ويتمناها الشعبان السوري والتركي بأمل كبير بإنهاء القطيعة وتصحيح الحكومة التركية الأخطاء التي ارتكبتها بحق الشعبين السوري والتركي على حد سواء بدعمها للإرهاب وما يسمى “المعارضة المسلحة”، وباحتلالها أراضٍ سورية، وإصدار تصريحات تتنافى مع مبدأ حسن الجوار وتدخلها في الشؤون الداخلية.
ونعود هنا للسؤال مرة أخرى، هل سيتم عقد القمة بين الرئيسين الأسد وأردوغان، وهل يمكن أن تثمر الوساطة الروسية الإيرانية العراقية، بتطبيع العلاقات بين البلدين؟
الجواب للأسف ما يزال في جعبة أردوغان، وفي مقدرته على تنفيذ وعوده السابقة بضرورة عقد لقاء مع الأسد في أنقرة أو موسكو أو دمشق أو في أي مكان، لكن تلك الأمنية لا يمكن أن تتحقق دون تصحيح الأوضاع الخاطئة التي تسببت بالقطيعة، ونعتقد أن أردوغان يعرفها تمام المعرفة، ويعلم أن دمشق لا يمكن أن تتنازل عن حقوقها التي أقرّ بها الأتراك في جميع الاجتماعات التي شاركوا فيها في مسار “أستنة” وتضمنتها البيانات الختامية بالتفصيل.
وبقدر ما يكون موعد لقاء القمة قريباً، فإن وافق الأتراك على مرجعيته وتصحيح ما ارتكبوه من أخطاء بحق سورية وشعبها بقدر ما يكون صعباً، بل مستحيلاً إذا لم يبادر الأتراك لمعالجة أسباب القطيعة وينسبحوا من الأراضي السورية ويتوقفوا عن دعم الإرهاب الذي يهدد الشعبين السوري والتركي.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة