القمة العربية الإسلامية… مؤشرات ورسائل قوة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
هل يمكن أن نلمس نتائج جوهرية لمؤتمر القمة للعربية الإسلامية يوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعبان الفلسطيني واللبناني من خلال موقف موحد لقادة ما يقارب المليار ونصف المليار مسلم، واستخدام ما يمثلونه كثقل بشري وجغرافي واقتصادي وسياسي في الضغط على داعمي الكيان للتوقف عن مده بشكل أعمى بالسلاح المدمر وبالتغطية السياسية لجرائم الحرب لاتخاذ موقف موضوعي تجاه الحرب وتجاه القضية الفلسطينية من خلال ترجمة تلك القوى الشاملة لقادة الدول المجتمعة، والمتفقة على نصرة من يتعرضون للاعتداء؟.
أم أننا سنكتفي بتلاوة البيان الختامي الذي قد لا يختلف عن البيان الذي تم تصديره من القمة السابقة قبل عام؟.
ولعل هذا ما حدده الرئيس بشار الأسد في كلمته الهامة أمام المجتمعين عندما قال: ”منذ عام والجريمة مستمرة وفي العام الماضي أكدنا على ضرورة وقف العدوان وكانت حصيلة السنة المزيد من الشهداء والمهجرين في فلسطين ولبنان… نقدم السلام فنحصد الدماء… وتغيير النتائج يستدعي استبدال الآليات والأدوات…“
ومن الواضح من الكلمات التي تم إلقاؤها من رؤساء الوفود أن هناك إجماعاً على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لإنهاء هذا الاستخفاف الإسرائيلي بالقوانين الدولية والإنسانية، وتجاهله لكل النداءات الرسمية والشعبية في المغرب والمشرق التي تدعو لوقف حرب الإبادة والتعامي عن تنفيذ أو الانصياع للمبادرات التي لم تتوقف طيلة العام الماضي لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وربما تأكد الجميع أنهم لا يتعاملون مع حكومة متطرفة فحسب، وإنما مع مجرمي حرب وقطعان من المستوطنين، وفي هذه الحالة لا يمكن مناقشة أولئك بالأسس القانونية أو الإنسانية لأنهم قد تجردوا أساساً من كل القيم الإنسانية والأخلاقية، ما يستدعي والحالة هذه استخدام وسائل أكثر فعالية قد تتطلب التحالف العسكري إن كانت النوايا صادقة لوقف ما يمكن أن نسميه بمهزلة القرن التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
ولعل ما لا يمكن تجاوزه ووضع العديد من الخطوط تحته ما جاء في كلمة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي عندما قال: إن “المملكة تدين الاعتداء الإسرائيلي على إيران الشقيقة”.. ربما ستبقى كلمة “الشقيقة” ترن طويلاً في آذان كل دول الغرب ومعهم دول وشعوب المنطقة الذين كانوا ينظرون إلى إيران تحت تأثير الضغط الأمريكي والتحريض الإعلامي على أنها “عدو”، ويحاولون تشكيل حلف عسكري لمحاربته، مع أن جرمه الوحيد أنه يعادي الكيان الإسرائيلي ويساند حركات المقاومة في نضالها لاستعادة حقوقها وصد العدوان عن شعبها.
إن هذه الإشارة الواضحة من ولي العهد السعودي تمثل ترجمة لما لمسته قيادة المملكة من التعاون الإيراني مع دول الإقليم لتحقيق أمن الخليج، والمساعدة في حل جميع المشكلات بين دول المنطقة من خلال الحوار وتحقيق المصالح المشتركة، وتحقيق مبدأ حسن الجوار، مع الإشارة إلى أن زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران قبل انعقاد القمة لبحث التعاون العسكري مع نظرائه الإيرانيين كانت رسالة واضحة إلى كل من يهمهم الأمر في عواصم الغرب مفادها بأن جهودهم المشبوهة في توتير علاقات السعودية ودول الخليج مع إيران باتت من الماضي وأن تجاوزها يحقق المصالح المشتركة لدول وشعوب المنطقة.
إن البناء على القواسم المشتركة والمواقف الموحدة للدول العربية والإسلامية كانت السمة الأبرز لاجتماع القمة التي ستشكل نقطة تحول مهمة في بلورة مواقف جدية يمكن تثمر في دفع الجهود المبذولة إلى غاياتها في وقف العدوان، والبدء بترجمة الحلول السياسية للصراع العربي- الصهيوني، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين الذي نادت واشنطن بتنفيذه ومقتنعة به (ولو نظرياً)، مع الإشارة إلى أن إدارة بايدن التي تستعد لتسليم السلطة إلى إدارة ترامب، بل الإدارتين معاً لن تأبه بمقررات القمة إذا لم تتابع بآليات سياسية واقتصادية حازمة وصادقة لإنهاء هذه الأوضاع المأساوية التي لم تكن تصل إلى هذه الدرجة لولا انحراف البوصلة للكثير من القوى السياسية في الإقليم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة