الماء في السوق السوداء
خاص غلوبال – زهير المحمد
قد يكون الخبر المتعلق بضبط دوريات التموين كميات من عبوات المياه المعدنية في مستودعات بغية الاتجار بها في السوق السوداء، خبراً مهماً على طريق محاربة الاحتكار واستغلال حاجات الناس وفرض الأسعار التي تناسبهم، لكن تلك الأخبار تشير إلى حالة لم تعد مقبولة على الإطلاق، ذلك لأن لدينا مصادر للمياه المعدنية تكفي حاجة السوق وربما حاجة الأسواق المجاورة، ومن المفترض أن تكون عبوات المياه على “قفا من يشيل” لأسباب كثيرة، ومنها أن مصادرها متوافرة في بقين والدريكيش ونبع السن وغيرها الكثير، ولأن أسعارها في السوق الرسمية البيضاء باتت أكبر بكثير من قدرة أصحاب الدخل المحدود على شرائها، والمسألة الأهم أن غلاء أسعارها ليست بسبب غلاء الماء وإنما بسبب سعر العبوات البلاستيكية.
إن الحل الجذري للمشكلة لايحتاج إلى رقابة تموينية صارمة، ولايحتاج إلى بيعها على البطاقة الذكية، وإنما يحتاج إلى زيادة الإنتاج واستخدام عبوات مختلفة الأحجام وصولاً إلى العشرين ليتراً، واللجوء إلى استخدام العبوات الزجاجية التي يمكن استخدامها مئات المرات كعبوات المشروبات الغازية، وعندها يمكن توفير المزيد من العملة الصعبة التي نستورد بها المواد الأولية اللازمة لتصنيع عبوات تستخدم لمرة واحدة، ونقلل من الهدر المتمثل برمي العبوة بعد استهلاك محتواها.
إن أزمة المياه المعدنية لاتقتصر على فصل الصيف، وإنما هي مستمرة في فصل الشتاء أيضاً، ولم تجد الجهات المعنية بالتعبئة والمعالجة حلاً من المفترض أن يكون سهلاً، ولاسيما أننا كبلد نتعامل مع هذا المنتج منذ عقود من الزمن ولدينا خبرات متراكمة في هذا المجال، إن توفرت النية في تجاوز الاختناقات في توفير المادة، مع التأكيد على أن الكثير من دول العالم تستخدم العبوات الزجاجية إلى جانب العبوات البلاستيكية.
ولابد في هذا السياق أن نؤكد على ضرورة التوسع بتأمين المياه الصالحة للشرب لكافة التجمعات السكنية، لأن السكان في بعض المناطق يشترون مياه الشرب بالبيدون وبسعر يتجاوز الخمسة آلاف ليرة للعشرين ليتراً، مايعني أنهم قد يدفعون نصف راتبهم لهذا الغرض، وكثيراً مابتنا نقرأ على وسائل التواصل الاجتماعي أن بعض الناس ليس لديهم ثمن بيدون الماء.
للأسف أصبحت المياه المعدنية لاتباع إلا بأسعار السوق السوداء، حتى ممن يستلمونها من المراكز الرسمية، وربما تجاوزت أسعارها الأسعار المعتمدة في البلدان المجاورة، على الرغم من انخفاض الدخل لدينا، فهل ستبقى الحال على ماهي عليه، أم إن الحلول ستجد طريقها لإخراج الماء من السوق السوداء؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة