”المركزي“ أفلس المودعين!
خاص غلوبال ـ علي عبود
توّرط عدد كبير من المواطنين بإيداع مدخرات عمرهم في المصارف استجابة لدعوات من مصرف سورية المركزي في عام 2012 لدعم الليرة السورية، ليكتشفوا بعد عام واحد فقط أنهم خسروا أكثر من نصفها،وتوالت الخسارات في الأعوام التالية مع كل تعديل لسعر الصرف!.
وقد سرّب المصرف المركزي في تموز 2013 خبراً بأن الحكومة ستعوّض على المودعين جراء انخفاض سعر الصرف، وبأن التعويض مجزٍ وقد يصل إلى 40% من قيمة الوديعة، لكن كان الأمر بمثابة الخديعة لمن لم يسترد أمواله، ويحولها إلى ذهب أو دولارات، كي لايتعرض إلى مزيد من الخسائر، وصولاً إلى الإفلاس الفعلي!.
وبدلاً من أن ترتفع أصوات تدعو إلى التعويض على المودعين، بما يؤدي إلى تشجيعهم على الاحتفاظ بأموالهم في المصارف بدلاً من تحويلها إلى ذهب أو دولارات، دعا منظّرون إلى تخفيض الفائدة المصرفية بذريعة التشجيع على الاقتراض!.
لن نطالب بأن تكون نسب الفائدة على الودائع أعلى من نسب التضخم ولو بنقطة واحدة فقط، كما هي الحال في دول العالم، لكننا نسأل: هل من العدالة أن يتقصد المصرف المركزي إفلاس المودعين الذين استجابوا لدعوته بدعم الليرة وإيداع مدخرات عمرهم في المصارف؟.
وبما أن الحكومة هي من يُخفّض القيمة الشرائية لليرة عبر المصرف المركزي، فكأنّها تُعاقب المودعين، وتُكافىء من حوّل أمواله إلى ذهب ودولارات، أو استخدمها للمضاربة في السوق السوداء!.
لاحظوا تبخّرت ودائع آلاف المواطنين وتحديداً صغار المدخرين، ومع ذلك تستغرب الحكومة إحجام الملايين عن ممارسة نشاطاتهم التجارية عبر المصارف إلا بالقسر والإلزام كما فعلت مؤخراً بدفع أقساط التسجيل بالجامعات وفواتير الهاتف حصرياً عبر المصارف، أي بالدفع الإلكتروني!.
لنتصور أن صاحب وديعة المليون ليرة في عام 2011 وكانت قيمتها تتجاوز 21278 دولاراً لم يسحبها مع أول تراجع بقيمتها على أمل أن يعود سعر الصرف إلى ماكان عليه حسب وعود الحكومة آنذاك، لكن مع الاستمرار بتعديل سعر الصرف لم تعد وديعة المليون تساوي 90 دولاراً.
طبعاً، الحكومة التي لم تُعوض على عمالها مع كل تعديل لسعر الصرف، لن تناقش مجرد مناقشة موضوع التعويض على المودعين، بل توحي تصريحاتها، وكأنّها في بلد مستقر اقتصادياً ونقدياً من خلال دعواتها المستمرة لزيادة التعاملات التجارية عبر المصارف.
ولأن كبار المقترضين من حيتان المال فإن جميع الحكومات المتعاقبة قدمت لهم الدعم كي يعيدوا القروض دون غرامات على الرغم من دورهم المستمر منذ عام2011 بإضعاف الليرة السورية، وتهريب ثرواتهم إلى الخارج التي تبخّرت في المصارف اللبنانية!.
الخلاصة: وعد المصرف المركزي في عام 2013 أن مشروع التعويض على المودعين الذي سيرى النور في القريب العاجل سيكون مرضياً لجميع من ساهم بحماية العملة الوطنية وتعزيز وجودها والثقة بها، وهاقد مضى أكثر من عشرة أعوام وهذا المشروع طي النسيان، بل كان مجرد خديعة أفلست من صدقها، وجميعهم من صغار المدخرين!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة